{ فَخَرَجَ } ذات يوم { فِي زِينَتِهِ } أي: بحالة أرفع ما يكون من أحوال دنياه، قد كان له من الأموال ما كان، وقد استعد وتجمل بأعظم ما يمكنه، وتلك الزينة في العادة من مثله تكون هائلة، جمعت زينة الدنيا وزهرتها وبهجتها وغضارتها وفخرها، فرمقته في تلك الحالة العيون، وملأت بِزَّتُهُ القلوب، واختلبت زينته النفوس، فانقسم فيه الناظرون قسمين، كل تكلم بحسب ما عنده من الهمة والرغبة.
فـ { قَالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } أي: الذين تعلقت إرادتهم فيها، وصارت منتهى رغبتهم، ليس لهم إرادة في سواها، { يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ } من الدنيا ومتاعها وزهرتها { إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } وصدقوا إنه لذو حظ عظيم، لو كان الأمر منتهيا إلى رغباتهم، وأنه ليس وراء الدنيا، دار أخرى، فإنه قد أعطي منها ما به غاية التنعم بنعيم الدنيا، واقتدر بذلك على جميع مطالبه، فصار هذا الحظ العظيم، بحسب همتهم، وإن همة جعلت هذا غاية مرادها ومنتهى مطلبها، لَمِنْ أدنى الهمم وأسفلها وأدناها، وليس لها أدنى صعود إلى المرادات العالية والمطالب الغالية.