تفسير السعدي - Al-Saadi   سورة  سبإ الأية 15


سورة Sura   سبإ   Saba
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُم بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِّن سِدْرٍ قَلِيلٍ (16) ذَٰلِكَ جَزَيْنَاهُم بِمَا كَفَرُوا ۖ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ (17) وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ ۖ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ (18) فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (19) وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ إِلَّا فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ (20) وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ ۗ وَرَبُّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (21) قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ ۖ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ (22)
الصفحة Page 430
لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (15)

سبأ قبيلة معروفة في أداني اليمن, ومسكنهم بلدة يقال لها "مأرب" ومن نعم اللّه ولطفه بالناس عموما, وبالعرب خصوصا, أنه قص في القرآن أخبار المهلكين والمعاقبين, ممن كان يجاور العرب, ويشاهد آثاره, ويتناقل الناس أخباره, ليكون ذلك أدعى إلى التصديق, وأقرب للموعظة فقال: { لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ } أي: محلهم الذي يسكنون فيه { آيَةٌ } والآية هنا: ما أدرَّ اللّه عليهم من النعم, وصرف عنهم من النقم, الذي يقتضي ذلك منهم, أن يعبدوا اللّه ويشكروه. ثم فسر الآية بقوله { جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ } وكان لهم واد عظيم, تأتيه سيول كثيرة, وكانوا بنوا سدا محكما, يكون مجمعا للماء، فكانت السيول تأتيه, فيجتمع هناك ماء عظيم, فيفرقونه على بساتينهم, التي عن يمين ذلك الوادي وشماله. وتُغِلُّ لهم تلك الجنتان العظيمتان, من الثمار ما يكفيهم, ويحصل لهم به الغبطة والسرور، فأمرهم اللّه بشكر نعمه التي أدرَّها عليهم من وجوه كثيرة، منها: هاتان الجنتان اللتان غالب أقواتهم منهما.

ومنها: أن اللّه جعل بلدهم, بلدة طيبة, لحسن هوائها, وقلة وخمها, وحصول الرزق الرغد فيها.

ومنها: أن اللّه تعالى وعدهم - إن شكروه - أن يغفر لهم وَيرحمهم, ولهذا قال: { بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ }

ومنها: أن اللّه لما علم احتياجهم في تجارتهم ومكاسبهم إلى الأرض المباركة, - الظاهر أنها: [قرى صنعاء قاله غير واحد من السلف, وقيل: إنها] الشام - هيأ لهم من الأسباب ما به يتيسر وصولهم إليها, بغاية السهولة, من الأمن, وعدم الخوف, وتواصل القرى بينهم وبينها, بحيث لا يكون عليهم مشقة, بحمل الزاد والمزاد.

ولهذا قال: { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ } أي: [سيرا] مقدرا يعرفونه, ويحكمون عليه, بحيث لا يتيهون عنه { لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ } أي: مطمئنين في السير, في تلك الليالي والأيام, غير خائفين. وهذا من تمام نعمة اللّه عليهم, أن أمنهم من الخوف.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022