تفسير السعدي - Al-Saadi   سورة  الجن الأية 28


سورة Sura   الجن   Al-Jinn
وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ ۖ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا (14) وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا (15) وَأَن لَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاءً غَدَقًا (16) لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (17) وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا (21) قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا (22) إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ ۚ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (23) حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا وَأَقَلُّ عَدَدًا (24) قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (25) عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (27) لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28)
الصفحة Page 573
لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا (28)

{ لِيَعْلَمَ } بذلك { أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ } بما جعله لهم من الأسباب، { وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ } أي: بما عندهم، وما أسروه وأعلنوه، { وَأَحْصَى كُلَّ شَيْءٍ عَدَدًا } وفي هذه السورة فوائد كثيرة: منها: وجود الجن، وأنهم مكلفون مأمورون مكلفون منهيون، مجازون بأعمالهم، كما هو صريح في هذه السورة.

ومنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رسول إلى الجن، كما هو رسول إلى الإنس ، فإن الله صرف نفر الجن ليستمعوا ما يوحى إليه ويبلغوا قومهم.

ومنها: ذكاء الجن ومعرفتهم بالحق، وأن الذي ساقهم إلى الإيمان هو ما تحققوه من هداية القرآن، وحسن أدبهم في خطابهم.

ومنها: اعتناء الله برسوله، وحفظه لما جاء به، فحين ابتدأت بشائر نبوته، والسماء محروسة بالنجوم، والشياطين قد هربت عن أماكنها، وأزعجت عن مراصدها، وأن الله رحم به الأرض وأهلها رحمة ما يقدر لها قدر، وأراد بهم ربهم رشدا، فأراد أن يظهر من دينه وشرعه ومعرفته في الأرض، ما تبتهج به القلوب، وتفرح به أولو الألباب، وتظهر به شعائر الإسلام، وينقمع به أهل الأوثان والأصنام.

ومنها: شدة حرص الجن لاستماع الرسول صلى الله عليه وسلم، وتراكمهم عليه.

ومنها: أن هذه السورة قد اشتملت على الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك، وبينت حالة الخلق، وأن كل أحد منهم لا يستحق من العبادة مثقال ذرة، لأن الرسول محمدا صلى الله عليه وسلم، إذا كان لا يملك لأحد نفعا ولا ضرا، بل ولا يملك لنفسه، علم أن الخلق كلهم كذلك، فمن الخطأ والغلط اتخاذ من هذا وصفه إلها [آخر] مع الله. ومنها: أن علوم الغيوب قد انفرد الله بعلمها، فلا يعلمها أحد من الخلق، إلا من ارتضاه الله وخصه بعلم شيء منها. تم تفسير سورة قل أوحي إلي، ولله الحمد

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022