( ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا )
وقد اختلف المفسرون في الضمير الذي في قوله : ( ليعلم ) إلى من يعود ؟ فقيل : إنه عائد إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
قال ابن جرير : حدثنا ابن حميد ، حدثنا يعقوب القمي ، عن جعفر ، عن سعيد بن جبير في قوله : ( عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) قال : أربعة حفظة من الملائكة مع جبريل ، ) ليعلم ) محمد صلى الله عليه وسلم ( أن قد أبلغوا رسالات ربهم وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا )
ورواه ابن أبي حاتم من حديث يعقوب القمي به . وهكذا رواه الضحاك والسدي ويزيد بن أبي حبيب .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة : ( ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ) قال : ليعلم نبي الله أن الرسل قد بلغت عن الله ، وأن الملائكة حفظتها ودفعت عنها . وكذا رواه سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة . واختاره ابن جرير .
وقيل غير ذلك ، كما رواه العوفي ، عن ابن عباس في قوله : ( إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا ) قال : هي معقبات من الملائكة يحفظون النبي من الشيطان ، حتى يتبين الذي أرسل به إليهم ، وذلك حين يقول ، ليعلم أهل الشرك أن قد أبلغوا رسالات ربهم .
وكذا قال ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : ( ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ) قال : ليعلم من كذب الرسل أن قد أبلغوا رسالات ربهم . وفي هذا نظر .
وقال البغوي : قرأ يعقوب : " ليعلم " بالضم ، أي : ليعلم الناس أن الرسل بلغوا .
ويحتمل أن يكون الضمير عائدا إلى الله عز وجل ، وهو قول حكاه ابن الجوزي في " زاد المسير " ويكون المعنى في ذلك : أنه يحفظ رسله بملائكته ليتمكنوا من أداء رسالاته ، ويحفظ ما بين إليهم من الوحي ; ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم ، ويكون ذلك كقوله : ( وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه ) [ البقرة : 143 ] وكقوله : ( وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين ) [ العنكبوت : 11 ] إلى أمثال ذلك ، مع العلم بأنه تعالى يعلم الأشياء قبل كونها قطعا لا محالة ; ولهذا قال بعد هذا : ( وأحاط بما لديهم وأحصى كل شيء عددا ) .