( ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن ) يعني : بما فيه صلاحه وتثميره . وقال مجاهد : هو التجارة فيه . وقال الضحاك : هو أن يبتغي له فيه ولا يأخذ من ربحه شيئا ، ( حتى يبلغ أشده ) قال الشعبي ومالك : الأشد : الحلم ، حتى يكتب له الحسنات وتكتب عليه السيئات . قال أبو العالية : حتى يعقل وتجتمع قوته . وقال الكلبي : الأشد ما بين الثماني عشرة سنة إلى ثلاثين سنة . وقيل : إلى أربعين سنة . وقيل : إلى ستين سنة . وقال الضحاك : عشرون سنة . وقال السدي : ثلاثون سنة . وقال مجاهد : الأشد ثلاث وثلاثون سنة .
والأشد جمع شد ، مثل قد وأقد ، وهو استحكام قوة شبابه وسنه ، ومنه شد النهار وهو ارتفاعه . وقيل بلوغ الأشد أن يؤنس رشده بعد البلوغ .
وتقدير الآية : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن على الأبد حتى يبلغ أشده فادفعوا إليه ماله إن كان رشيدا .
( وأوفوا الكيل والميزان بالقسط ) بالعدل ، ( لا نكلف نفسا إلا وسعها ) أي : طاقتها في إيفاء الكيل والميزان ، أي : لم يكلف المعطي أكثر مما وجب عليه ، ولم يكلف صاحب الحق الرضا بأقل من حقه ، حتى لا تضيق نفسه عنه ، بل أمر كل واحد منهما بما يسعه مما لا حرج عليه فيه .
( وإذا قلتم فاعدلوا ) فاصدقوا في الحكم والشهادة ، ( ولو كان ذا قربى ) أي : ولو كان المحكوم والمشهود عليه ذا قرابة ، ( وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون ) تتعظون ، قرأ حمزة والكسائي وحفص تذكرون خفيفة الذال ، كل القرآن ، والآخرون بتشديدها .
قال ابن عباس : هذه الآيات محكمات في جميع الكتب ، لم ينسخهن شيء وهن محرمات على بني آدم كلهم ، وهن أم الكتاب من عمل بهن دخل الجنة ، ومن تركهن دخل النار .