قوله تعالى : ( كتب عليكم القتال ) أي فرض عليكم الجهاد واختلف العلماء في حكم هذه الآية فقال عطاء : الجهاد تطوع والمراد من الآية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دون غيرهم وإليه ذهب الثوري واحتج من ذهب إلى هذا بقوله تعالى : " فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة وكلا وعد الله الحسنى " ( 95 - النساء ) ولو كان القاعد تاركا فرضا لم يكن يعده الحسنى وجرى بعضهم على ظاهر الآية وقال : الجهاد فرض على كافة المسلمين إلى قيام الساعة .
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي الخوارزمي أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي أخبرنا أبو عمرو أحمد بن أبي الفراتي أخبرنا أبو الهيثم بن كليب أخبرنا أحمد بن حازم بن أبي غرزة أخبرنا سعيد بن عثمان السعيدي عن عمر بن محمد بن المنكدر عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق " .
وقال قوم وعليه الجمهور : إن الجهاد فرض على الكفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين مثل صلاة الجنازة ورد السلام قال الزهري والأوزاعي : كتب الله الجهاد على الناس غزوا أو قعودا فمن غزا فبها ونعمت ومن قعد فهو عدة إن استعين به أعان وإن استنفر نفر ، وإن استغني عنه قعد .
قوله تعالى : ( وهو كره لكم ) أي شاق عليكم ، قال بعض أهل المعاني : هذا الكره من حيث نفور الطبع عنه لما فيه من مؤنة المال ومشقة النفس وخطر الروح لا أنهم كرهوا أمر الله تعالى وقال عكرمة نسخها قوله تعالى : ( سمعنا وأطعنا ) يعني أنهم كرهوه ثم أحبوه فقالوا ( سمعنا وأطعنا ) . قال الله تعالى : ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) لأن في الغزو إحدى الحسنيين إما الظفر والغنيمة وإما الشهادة والجنة ( وعسى أن تحبوا شيئا ) يعني القعود عن الغزو ( وهو شر لكم ) لما فيه من فوات الغنيمة والأجر ( والله يعلم وأنتم لا تعلمون ) .