قوله عز وجل : ( وإن منكم إلا واردها ) وما منكم إلا واردها وقيل : القسم فيه مضمر ، أي : والله ما منكم من أحد إلا واردها ، والورود هو موافاة المكان .
واختلفوا في معنى الورود هاهنا ، وفيما تنصرف إليه الكناية في قوله : ( واردها ) قال ابن عباس رضي الله عنهما وهو قول الأكثرين; معنى الورود هاهنا هو الدخول والكناية راجعة إلى النار وقالوا : النار يدخلها البر والفاجر ثم ينجي الله المتقين فيخرجهم منها .
والدليل على أن الورود هو الدخول : قول الله عز وجل حكاية عن فرعون : " يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار " ( هود : 98 ) .
وروى ابن عيينة عن عمرو بن دينار أن نافع بن الأزرق مارى ابن عباس رضي الله عنهما في الورود فقال ابن عباس رضي الله عنهما : هو الدخول . وقال نافع ليس الورود الدخول ، فتلا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قوله تعالى : " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون " ( الأنبياء : 98 ) أدخلها هؤلاء أم لا؟ ثم قال : يا نافع أما والله أنت وأنا سنردها وأنا أرجو أن يخرجني الله منها وما أرى الله عز وجل أن يخرجك منها بتكذيبك .
وقال قوم : ليس المراد من الورود الدخول . وقالوا : النار لا يدخلها مؤمن أبدا لقوله تعالى : " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون لا يسمعون حسيسها " ( الأنبياء : 101 - 102 ) وقالوا : كل من دخلها لا يخرج منها . والمراد من قوله : ( وإن منكم إلا واردها ) الحضور والرؤية ، لا الدخول كما قال الله تعالى : " ولما ورد ماء مدين " ( القصص : 23 ) أراد به الحضور .
وقال عكرمة : الآية في الكفار فإنهم يدخلونها ولا يخرجون منها .
وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال : ( وإن منكم إلا واردها ) يعني : القيامة ، والكناية راجعة إليها .
والأول أصح ، وعليه أهل السنة أنهم جميعا يدخلون النار ثم يخرج الله عز وجل منها أهل الإيمان بدليل قوله تعالى : ثم ننجي الذين اتقوا
.