( قال ) إبراهيم ، ( بل فعله كبيرهم هذا ) غضب من أن تعبدوا معه هذه الصغار وهو أكبر منها فكسرهن ، وأراد بذلك إبراهيم إقامة الحجة عليهم ، فذلك قوله : ( فاسألوهم إن كانوا ينطقون ) حتى يخبروا من فعل ذلك بهم .
قال القتيبي : معناه بل فعله كبيرهم إن كانوا ينطقون على سبيل الشرط ، فجعل النطق شرطا للفعل ، أي : إن قدروا على النطق قدروا على الفعل ، فأراهم عجزهم عن النطق ، وفي [ ضمنه ] أنا فعلت .
وروي عن الكسائي أنه كان يقف عند قوله ( بل ) ويقول : معناه [ فعله ] من فعله ، والأول أصح لما روي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات ، اثنتان منهن في ذات الله ، قوله : ( إني سقيم ) ( الصافات : 89 ) ، وقوله : ( بل فعله كبيرهم ) وقوله لسارة هذه أختي وقيل في قوله : ( إني سقيم ) أي : سأسقم ، وقيل : سقم القلب أي : مغتم بضلالتكم ، وقوله لسارة : هذه أختي أي في الدين ، وهذه التأويلات لنفي الكذب عن إبراهيم ، والأولى هو الأول للحديث فيه ، ويجوز أن يكون الله عز وجل أذن له في ذلك لقصد الصلاح وتوبيخهم والاحتجاج عليهم ، كما أذن ليوسف حتى أمر مناديه فقال لإخوته : ( أيتها العير إنكم لسارقون ) ( يوسف : 70 ) . ولم يكونوا سرقوا .