قوله تعالى : ( فإن حاجوك ) أي خاصموك يا محمد في الدين ، وذلك أن اليهود والنصارى قالوا : لسنا على ما سميتنا به يا محمد إنما اليهودية والنصرانية نسب ، والدين هو الإسلام ونحن عليه فقال الله تعالى ( فقل أسلمت وجهي لله ) أي انقدت لله وحده بقلبي ولساني وجميع جوارحي ، وإنما خص الوجه لأنه أكرم الجوارح من الإنسان وفيه بهاؤه ، فإذا خضع وجهه للشيء خضع له جميع جوارحه ، وقال الفراء : معناه أخلصت عملي لله ( ومن اتبعن ) أي ومن اتبعني أسلم كما أسلمت ، وأثبت نافع وأبو عمرو الياء في قوله تعالى ( اتبعني ) على الأصل وحذفها الآخرون على الخط لأنها في المصحف بغير ياء
وقوله : ( وقل للذين أوتوا الكتاب والأميين ) يعني العرب ( أأسلمتم ) لفظه استفهام ومعناه أمر ، أي أسلموا كما قال " فهل أنتم منتهون " ( 91 - المائدة ) أي انتهوا ، ( فإن أسلموا فقد اهتدوا ) فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية فقال أهل الكتاب : أسلمنا ، فقال لليهود : أتشهدون أن عيسى كلمة الله وعبده ورسوله قالوا : معاذ الله ، وقال للنصارى : أتشهدون أن عيسى عبد الله ورسوله ؟ قالوا : معاذ الله أن يكون عيسى عبدا فقال الله عز وجل ( وإن تولوا فإنما عليك البلاغ ) أي تبليغ الرسالة وليس عليك الهداية ( والله بصير بالعباد ) عالم بمن يؤمن وبمن لا يؤمن .