( ومن الناس من يشتري لهو الحديث ) الآية . قال الكلبي ، ومقاتل : نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة كان يتجر فيأتي الحيرة ويشتري أخبار العجم ويحدث بها قريشا ، ويقول : إن محمدا يحدثكم بحديث عاد وثمود ، وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة ، فيستملحون حديثه ويتركون استماع القرآن ، فأنزل الله هذه الآية . وقال مجاهد : يعني شراء القيان والمغنيين ، ووجه الكلام على هذا التأويل : من يشتري ذات لهو أو ذا لهو الحديث . أخبرنا أبو سعيد الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق الثعلبي ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن إسحاق المزكي ، حدثنا جدي محمد بن إسحاق بن خزيمة ، أخبرنا علي بن حجر ، أخبرنا مشمعل بن ملحان الطائي ، عن مطرح بن يزيد ، عن عبيد الله بن زحر ، عن علي بن يزيد ، عن القاسم بن عبد العزيز ، عن أبي أمامة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن وأثمانهن حرام " ، وفي مثل هذا أنزلت هذه الآية : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله " ، وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله عليه شيطانين : أحدهما على هذا المنكب ، والآخر على هذا المنكب ، فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت .
أخبرنا عبد الرحمن بن أحمد القفال ، أخبرنا أبو منصور أحمد بن الفضل البروجردي ، أخبرنا أبو أحمد بكر بن محمد بن حمدان الصيرفي ، أخبرنا محمد بن غالب بن تمام ، أخبرنا خالد بن أبي يزيد ، عن هشام هو ابن حسان ، عن محمد هو ابن سيرين ، عن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - " نهى عن ثمن الكلب وكسب الزمارة " . قال مكحول : من اشترى جارية ضرابة ليمسكها لغنائها وضربها مقيما عليه حتى يموت لم أصل عليه ، إن الله يقول : " ومن الناس من يشتري لهو الحديث " الآية . وعن عبد الله بن مسعود ، وابن عباس ، والحسن ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير قالوا : " لهو الحديث " هو الغناء ، والآية نزلت فيه . ومعنى قوله : ( يشتري لهو الحديث ) أي : يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن ، قال أبو الصباء البكري سألت ابن مسعود عن هذه الآية فقال : هو الغناء ، والله الذي لا إله إلا هو ، يرددها ثلاث مرات .
وقال إبراهيم النخعي : الغناء ينبت النفاق في القلب ، وكان أصحابنا يأخذون بأفواه السكك يخرقون الدفوف . وقيل : الغناء رقية الزنا . وقال ابن جريج : هو الطبل وعن الضحاك قال : هو الشرك . وقال قتادة : هو كل لهو ولعب . ( ليضل عن سبيل الله بغير علم ) أي : يفعله عن جهل . قال قتادة : بحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق .
قوله تعالى : ( ويتخذها هزوا ) أي : يتخذ آيات الله هزوا . قرأ حمزة ، والكسائي ، وحفص ، ويعقوب : ) ( ويتخذها ) بنصب الذال عطفا على قوله : " ليضل " ، وقرأ الآخرون بالرفع نسقا على قوله : " يشتري " . ( أولئك لهم عذاب مهين )