( إنا أنذرناكم عذابا قريبا ) يعني العذاب في الآخرة ، وكل ما هو آت قريب . ( يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ) أي كل امرئ يرى في ذلك اليوم ما قدم من العمل مثبتا في صحيفته ، ( ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا )
قال عبد الله بن عمرو : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم ، وحشرت الدواب والبهائم والوحوش ، ثم يجعل القصاص بين البهائم حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء تنطحها ، فإذا فرغ من القصاص قيل لها : كوني ترابا ، فعند ذلك يقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا ومثله عن مجاهد .
وقال مقاتل : يجمع الله الوحوش والهوام والطير فيقضي بينهم حتى يقتص للجماء من القرناء ، ثم يقول لهم : أنا خلقتكم وسخرتكم لبني آدم وكنتم مطيعين إياهم أيام حياتكم ، فارجعوا إلى الذي كنتم ، كونوا ترابا ، فإذا التفت الكافر إلى شيء صار ترابا ، يتمنى فيقول : يا ليتني كنت في الدنيا في صورة خنزير ، وكنت اليوم ترابا .
وعن [ أبي الزناد عبد الله بن ذكوان ] قال : إذا قضى الله بين الناس وأمر أهل الجنة إلى الجنة ، وأهل النار إلى النار ، وقيل لسائر الأمم ولمؤمني الجن عودوا ترابا فيعودون ترابا ، فحينئذ يقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا وبه قال ليث بن [ أبي ] سليم ، مؤمنو الجن يعودون ترابا
وقيل : إن الكافر هاهنا إبليس وذلك أنه عاب آدم وأنه خلق من التراب وافتخر بأنه خلق من النار ، فإذا عاين يوم القيامة ما فيه آدم وبنوه المؤمنون من الثواب والرحمة ، وما هو فيه من الشدة والعذاب ، قال : يا ليتني كنت ترابا قال أبو هريرة فيقول : التراب لا ولا كرامة لك ، من جعلك مثلي ؟