قوله تعالى : ( ولما جاءت رسلنا ) يعني هؤلاء الملائكة ، ( لوطا ) على صورة غلمان مرد حسان الوجوه ، ( سيء بهم ) أي : حزن لوط بمجيئهم ، يقال : سؤته فسيء ، كما يقال : سررته فسر . ( وضاق بهم ذرعا ) أي : قلبا . يقال : ضاق ذرع فلان بكذا : إذا وقع في مكروه لا يطيق الخروج منه ، وذلك أن لوطا عليه السلام لما نظر إلى حسن وجوههم وطيب روائحهم أشفق عليهم من قومه أن يقصدوهم بالفاحشة ، وعلم أنه سيحتاج إلى المدافعة عنهم .
( وقال هذا يوم عصيب ) أي : شديد كأنه عصب به الشر والبلاء ، أي : شد . قال قتادة والسدي : خرجت الملائكة من عند إبراهيم عليه السلام نحو قرية لوط فأتوا لوطا نصف النهار ، وهو في أرض له يعمل فيها .
وقيل : إنه كان يحتطب . وقد قال الله تعالى لهم : لا تهلكوهم حتى يشهد عليهم لوط أربع شهادات ، فاستضافوه فانطلق بهم ، فلما مشى ساعة قال لهم : ما بلغكم أمر أهل هذه القرية؟ قالوا : وما أمرهم؟ قال : أشهد بالله إنها لشر قرية في الأرض عملا . يقول ذلك أربع مرات ، فدخلوا معه منزله .
وروي : أنه حمل الحطب وتبعته الملائكة فمر على جماعة من قومه فغمزوا فيما بينهم ، فقال لوط : إن قومي شر خلق الله ، ثم مر على قوم آخرين ، فغمزوا ، فقال مثله ، ثم مر بقوم آخرين فقال مثله ، فكان كلما قال لوط هذا القول قال جبريل للملائكة : اشهدوا ، حتى أتى منزله .
وروي : أن الملائكة جاءوا إلى بيت لوط فوجدوه في داره ولم يعلم بذلك أحد إلا أهل بيت لوط ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها ، وقالت : إن في بيت لوط رجالا ما رأيت مثل وجوههم قط .