قوله تعالى : ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم لما خرجت الملائكة من عند إبراهيم ، وكان بين إبراهيم وقرية لوط أربعة فراسخ بصرت بنتا لوط - وهما تستقيان - بالملائكة ورأتا هيئة حسنة ، فقالتا : ما شأنكم ؟ ومن أين أقبلتم ؟ قالوا : من موضع كذا نريد هذه القرية قالتا : فإن أهلها أصحاب الفواحش ; فقالوا : أبها من يضيفنا ؟ قالتا : نعم ! هذا الشيخ وأشارتا إلى لوط ; فلما رأى لوط هيئتهم خاف قومه عليهم .
سيء بهم أي ساءه مجيئهم ; يقال : ساء يسوء فهو لازم ، وساءه يسوءه فهو متعد أيضا ، وإن شئت ضممت السين ; لأن أصلها الضم ، والأصل سوئ بهم من السوء ; قلبت حركة الواو على السين فانقلبت ياء ، وإن خففت الهمزة ألقيت حركتها على الياء فقلت : سيء بهم مخففا ، ولغة شاذة بالتشديد .
وضاق بهم ذرعا أي ضاق صدره بمجيئهم وكرهه . وقيل : ضاق وسعه وطاقته . وأصله أن يذرع البعير بيديه في سيره ذرعا على قدر سعة خطوه ; فإذا حمل على أكثر من طوقه ضاق عن ذلك ، وضعف ومد عنقه ; فضيق الذرع عبارة عن ضيق الوسع . وقيل : هو من ذرعه القيء أي غلبه ; أي ضاق عن حبسه المكروه في نفسه ، وإنما ضاق ذرعه بهم لما رأى من جمالهم ، وما يعلم من فسق قومه .
وقال هذا يوم عصيب أي شديد في الشر . وقال الشاعر :
وإنك إلا ترض بكر بن وائل يكن لك يوم بالعراق عصيب
وقال آخر :
يوم عصيب يعصب الأبطالا عصب القوي السلم الطوالا
ويقال : عصيب وعصبصب على التكثير ; أي مكروه مجتمع الشر وقد عصب ; أي عصب بالشر عصابة ، ومنه قيل : عصبة وعصابة أي مجتمعو الكلمة ; أي مجتمعون في أنفسهم . وعصبة الرجل المجتمعون معه في النسب ; وتعصبت لفلان صرت كعصبته ، ورجل معصوب ، أي مجتمع الخلق .