تفسير البغوي - Baghaway   سورة  البقرة الأية 130


سورة Sura   البقرة   Al-Baqara
وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (127) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُّسْلِمَةً لَّكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (128) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129) وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130) إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ ۖ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (131) وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِن بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَٰهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (133) تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (134)
الصفحة Page 20
وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَن سَفِهَ نَفْسَهُ ۚ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ۖ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (130)

قوله تعالى: {ومن يرغب عن ملة إبراهيم} وذلك أن عبد الله بن سلام دعا ابني أخيه سلمة ومهاجراً إلى الإسلام فقال لهما: قد علمتما أن الله عز وجل قال في التوراة: إني باعث من ولد إسماعيل نبياً اسمه أحمد فمن آمن به فقد اهتدى ومن لم يؤمن فهو ملعون، فأسلم سلمة وأبى مهاجر أن يسلم فأنزل الله عز وجل {من يرغب عن ملة إبراهيم} أي يترك دينه وشريعته يقال رغب في الشيء إذا أراده، ورغب عنه إذا تركه.

وقوله (من) لفظه استفهام معناه التقريع والتوبيخ يعني: ما يرغب عن ملة إبراهيم.

{إلا من سفه نفسه} قال ابن عباس: "من خسر نفسه"، وقال الكلبي: "ضل من قبل نفسه"، وقال أبو عبيدة: "أهلك نفسه"، وقال ابن كيسان والزجاج: "معناه جهل نفسه والسفاهة: الجهل وضعف الرأي: وكل سفيه جاهل"، وذلك أن من عبد غيرالله فقد جهل نفسه لأنه لم يعرف أن الله خلقها، وقد جاء: ((من عرف نفسه عرف ربه)).

وفي الأخبار: (( إن الله تعالى أوحى إلى داود اعرف نفسك واعرفني، فقال: يارب كيف أعرف نفسي؟ وكيف أعرفك؟ فأوحى الله تعالى اعرف نفسك بالضعف والعجز والفناء، واعرفني بالقوة والقدرة والبقاء)).

وقال الأخفش:"معناه سفه في نفسه"، ونفسه على هذا القول نصب بنزع حرف الصفة وقال الفراء: نصب على التفسير، وكان الأصل سفهت نفسه فلما أضاف الفعل إلى صاحبها خرجت النفس المفسرة ليعلم موضع السفه، كما يقال: ضقت به ذرعاً، أي ضاق ذرعي به.

{ولقد اصطفيناه في الدنيا} اخترناه في الدنيا.

{وإنه في الآخرة لمن الصالحين} يعني مع الأنبياء في الجنة، وقال الحسين بن الفضل: "فيه تقديم وتأخير، تقديره ولقد اصطفيناه في الدنيا والآخرة وإنه لمن الصالحين".

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022