( ادعوا ربكم تضرعا ) تذللا واستكانة ، ( وخفية ) أي سرا . قال الحسن : بين دعوة السر ودعوة العلانية سبعون ضعفا ، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت ، وإن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم ، وذلك أن الله سبحانه يقول : " ادعوا ربكم تضرعا وخفية " ، وإن الله ذكر عبدا صالحا ورضي فعله فقال : " إذ نادى ربه نداء خفيا " مريم - 3 . ( إنه لا يحب المعتدين ) قيل : المعتدين في الدعاء ، وقال أبو مجلز : هم الذين يسألون منازل الأنبياء عليهم السلام .
أخبرنا عمر بن عبد العزيز الفاشاني ، أنبأنا القاسم بن جعفر الهاشمي ، أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد اللؤلؤي ، ثنا أبو داود السجستاني ، حدثنا موسى بن إسماعيل ، حدثنا حماد يعني ابن سلمة ، أنبأنا سعيد الجريري ، عن أبي نعامة أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول : اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها ، فقال : يا بني سل الله الجنة وتعوذ من النار ، فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " إنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء " .
وقيل : أراد به الاعتداء بالجهر والصياح قال ابن جريج : من الاعتداء رفع الصوت والنداء بالدعاء والصياح .
وروينا عن أبي موسى قال لما غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر أشرف الناس على واد فرفعوا أصواتهم بالتكبير ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أربعوا على أنفسكم ، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ، إنكم تدعون سميعا قريبا " . وقال عطية : هم الذين يدعون على المؤمنين فيما لا يحل ، فيقولون : اللهم أخزهم اللهم العنهم .