يقول تعالى مخبرا عن تصرفه في خلقه ، ونفوذ حكمه ، وأنه لا معقب له ، بأنه من يهده فلا مضل له ) ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ) أي : يهدونهم ، كما قال : ( من يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا ) [ الكهف : 17 ] .
وقوله : ( ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم ) قال الإمام أحمد :
حدثنا ابن نمير ، حدثنا إسماعيل عن نفيع قال : سمعت أنس بن مالك يقول : قيل : يا رسول الله ، كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ قال : " الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم " . وأخرجاه في الصحيحين .
وقال الإمام أحمد أيضا : [ حدثنا يزيد ] ، حدثنا الوليد بن جميع القرشي ، عن أبيه ، حدثنا أبو الطفيل عامر بن واثلة ، عن حذيفة بن أسيد قال : قام أبو ذر فقال : يا بني غفار ، قولوا ولا تحلفوا ، فإن الصادق المصدوق حدثني أن الناس يحشرون على ثلاثة أفواج : فوج راكبين طاعمين كاسين ، وفوج يمشون ويسعون ، وفوج تسحبهم الملائكة على وجوههم وتحشرهم إلى النار . فقال قائل منهم : هذان قد عرفناهما ، فما بال الذين يمشون ويسعون ؟ قال : يلقي الله - عز وجل - الآفة على الظهر حتى لا يبقى ظهر ، حتى إن الرجل لتكون له الحديقة المعجبة ، فيعطيها بالشارف ذات القتب ، فلا يقدر عليها .
وقوله : ( عميا ) أي : لا يبصرون ) وبكما ) يعني : لا ينطقون ) وصما ) : لا يسمعون . وهذا يكون في حال دون حال جزاء لهم كما كانوا في الدنيا بكما وعميا وصما عن الحق فجوزوا في محشرهم بذلك أحوج ما يحتاجون إليه ) مأواهم ) أي : منقلبهم ومصيرهم ) جهنم كلما خبت ) قال ابن عباس : سكنت . وقال مجاهد : طفئت ) زدناهم سعيرا ) أي : لهبا ووهجا وجمرا ، كما قال : ( فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا ) [ النبإ : 30 ] .