تفسير ابن كثير - Ibn-Katheer   سورة  النساء الأية 114


سورة Sura   النساء   An-Nisaa
۞ لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114) وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115) إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَٰلِكَ لِمَن يَشَاءُ ۚ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (116) إِن يَدْعُونَ مِن دُونِهِ إِلَّا إِنَاثًا وَإِن يَدْعُونَ إِلَّا شَيْطَانًا مَّرِيدًا (117) لَّعَنَهُ اللَّهُ ۘ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا (118) وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ ۚ وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ ۖ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120) أُولَٰئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَلَا يَجِدُونَ عَنْهَا مَحِيصًا (121)
الصفحة Page 97
۞ لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)

يقول تعالى : ( لا خير في كثير من نجواهم ) يعني : كلام الناس ( إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) أي : إلا نجوى من قال ذلك كما جاء في الحديث الذي رواه ابن مردويه :

حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم ، حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث ، حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس قال : دخلنا على سفيان الثوري نعوده - وأومأ إلى دار العطارين - فدخل عليه سعيد بن حسان المخزومي فقال له سفيان الثوري : الحديث الذي كنت حدثتني به عن أم صالح اردده علي . فقال : حدثتني أم صالح ، عن صفية بنت شيبة ، عن أم حبيبة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلام ابن آدم كله عليه لا له ما خلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر [ أو ذكر الله عز وجل " ، قال سفيان : فناشدته ] فقال محمد بن يزيد : ما أشد هذا الحديث ؟ فقال سفيان : وما شدة هذا الحديث ؟ إنما جاءت به امرأة عن امرأة ، هذا في كتاب الله الذي أرسل به نبيكم صلى الله عليه وسلم أو ما سمعت الله يقول في كتابه : ( لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس ) فهو هذا بعينه ، أو ما سمعت الله يقول : ( يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا ) [ النبأ : 38 ] فهو هذا بعينه ، أو ما سمعت الله يقول في كتابه : ( والعصر . إن الإنسان لفي خسر . [ إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ] ) [ سورة العصر ] ، فهو هذا بعينه .

وقد روى هذا الحديث الترمذي وابن ماجه من حديث محمد بن يزيد بن خنيس عن سعيد بن حسان ، به . ولم يذكرا أقوال الثوري إلى آخرها ، ثم قال الترمذي : غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن خنيس .

وقال الإمام أحمد : حدثنا يعقوب ، حدثنا أبي ، حدثنا صالح بن كيسان ، حدثنا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب : أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبره ، أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته : أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيرا - أو يقول خيرا " وقالت : لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله الناس إلا في ثلاث : في الحرب ، والإصلاح بين الناس ، وحديث الرجل امرأته ، وحديث المرأة زوجها . قال : وكانت أم كلثوم بنت عقبة من المهاجرات اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقد رواه الجماعة ، سوى ابن ماجه ، من طرق ، عن الزهري ، به نحوه .

قال الإمام أحمد : حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد ، عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة ، والصيام والصدقة ؟ " قالوا : بلى . قال : " إصلاح ذات البين " قال : " وفساد ذات البين هي الحالقة " .

ورواه أبو داود والترمذي ، من حديث أبي معاوية ، وقال الترمذي : حسن صحيح .

وقال الحافظ أبو بكر البزار : حدثنا محمد بن عبد الرحيم ، حدثنا سريج بن يونس ، حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر ، حدثنا أبي ، عن حميد ، عن أنس ; أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي أيوب : " ألا أدلك على تجارة ؟ " قال : بلى : قال : " تسعى في صلح بين الناس إذا تفاسدوا ، وتقارب بينهم إذا تباعدوا " ثم قال البزار : وعبد الرحمن بن عبد الله العمري لين ، وقد حدث بأحاديث لم يتابع عليها .

ولهذا قال : ( ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله ) أي : مخلصا في ذلك محتسبا ثواب ذلك عند الله عز وجل ( فسوف نؤتيه أجرا عظيما ) أي : ثوابا كثيرا واسعا .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022