وقوله : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) كقوله تعالى في سورة " لا أقسم بيوم القيامة " ( لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه ) [ القيامة : 16 - 19 ] ، وثبت في الصحيح عن ابن عباس ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعالج من الوحي شدة ، فكان مما يحرك لسانه ، فأنزل الله هذه الآية يعني : أنه ، عليه السلام ، كان إذا جاءه جبريل بالوحي ، كلما قال جبريل آية قالها معه ، من شدة حرصه على حفظ القرآن ، فأرشده الله تعالى إلى ما هو الأسهل والأخف في حقه; لئلا يشق عليه . فقال : ( لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه ) أي : أن نجمعه في صدرك ، ثم تقرأه على الناس من غير أن تنسى منه شيئا ، ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم إن علينا بيانه )
وقال في هذه الآية : ( ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه ) أي : بل أنصت ، فإذا فرغ الملك من قراءته عليك فاقرأه بعده ، ( وقل رب زدني علما ) أي : زدني منك علما .
قال ابن عيينة ، رحمه الله : ولم يزل صلى الله عليه وسلم في زيادة [ من العلم ] حتى توفاه الله عز وجل .
ولهذا جاء في الحديث : " إن الله تابع الوحي على رسوله ، حتى كان الوحي أكثر ما كان يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن ماجه : حدثنا أبو بكر ابن أبى شيبة ، حدثنا عبد الله بن نمير ، عن موسى بن عبيدة ، عن محمد بن ثابت ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم انفعني بما علمتني ، وعلمني ما ينفعني ، وزدني علما ، والحمد لله على كل حال " .
وأخرجه الترمذي ، عن أبي كريب ، عن عبد الله بن نمير ، به . وقال : غريب من هذا الوجه . ورواه البزار عن عمرو بن علي الفلاس ، عن أبي عاصم ، عن موسى بن عبيدة ، به . وزاد في آخره : " وأعوذ بالله من حال أهل النار " .