تفسير ابن كثير - Ibn-Katheer   سورة  مريم الأية 26


سورة Sura   مريم   Maryam
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26) فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ ۖ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا (27) يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ ۖ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) ذَٰلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ۚ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ (34) مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ ۖ سُبْحَانَهُ ۚ إِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ (35) وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ ۚ هَٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ (36) فَاخْتَلَفَ الْأَحْزَابُ مِن بَيْنِهِمْ ۖ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِن مَّشْهَدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ (37) أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا ۖ لَٰكِنِ الظَّالِمُونَ الْيَوْمَ فِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ (38)
الصفحة Page 307
فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26)

( فكلي واشربي وقري عينا ) أي : طيبي نفسا; ولهذا قال عمرو بن ميمون : ما من شيء خير للنفساء من التمر والرطب ، ثم تلا هذه الآية الكريمة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا شيبان ، حدثنا مسرور بن سعيد التميمي حدثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي ، عن عروة بن رويم ، عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكرموا عمتكم النخلة ، فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام ، وليس من الشجر شيء يلقح غيرها " . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أطعموا نساءكم الولد الرطب ، فإن لم يكن رطب فتمر ، وليس من الشجرة شجرة أكرم على الله من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران " .

هذا حديث منكر جدا ، ورواه أبو يعلى ، عن شيبان ، به

وقرأ بعضهم قوله : " تساقط " بتشديد السين ، وآخرون بتخفيفها ، وقرأ أبو نهيك : ( تساقط عليك رطبا جنيا ) وروى أبو إسحاق عن البراء : أنه قرأها : " تساقط " أي : الجذع . والكل متقارب .

وقوله : ( فإما ترين من البشر أحدا ) أي : مهما رأيت من أحد ، ( فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) المراد بهذا القول : الإشارة إليه بذلك . لا أن المراد به القول اللفظي ; لئلا ينافي : ( فلن أكلم اليوم إنسيا )

قال أنس بن مالك في قوله : ( إني نذرت للرحمن صوما ) أي : صمتا وكذا قال ابن عباس ، والضحاك . وفي رواية عن أنس : " صوما وصمتا " ، وكذا قال قتادة وغيرهما .

والمراد أنهم كانوا إذا صاموا في شريعتهم يحرم عليهم الطعام والكلام ، نص على ذلك السدي ، وقتادة ، وعبد الرحمن بن زيد .

وقال أبو إسحاق ، عن حارثة قال : كنت عند ابن مسعود ، فجاء رجلان فسلم أحدهما ولم يسلم الآخر ، فقال : ما شأنك ؟ قال أصحابه : حلف ألا يكلم الناس اليوم . فقال عبد الله بن مسعود : كلم الناس وسلم عليهم ، فإنما تلك امرأة علمت أن أحدا لا يصدقها أنها حملت من غير زوج . يعني بذلك مريم ، عليها السلام; ليكون عذرا لها إذا سئلت . ورواه ابن أبي حاتم ، وابن جرير ، رحمهما الله .

وقال عبد الرحمن بن زيد : لما قال عيسى لمريم : ( ألا تحزني ) قالت : وكيف لا أحزن وأنت معي ؟ ! لا ذات زوج ولا مملوكة ، أي شيء عذري عند الناس ؟ يا ليتني مت قبل هذا وكنت نسيا منسيا ، قال لها عيسى : أنا أكفيك الكلام : ( فإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) قال : هذا كله من كلام عيسى لأمه . وكذا قال وهب .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022