وقوله : ( واقصد في مشيك ) أي : امش مشيا مقتصدا ليس بالبطيء المتثبط ، ولا بالسريع المفرط ، بل عدلا وسطا بين بين .
وقوله : ( واغضض من صوتك ) أي : لا تبالغ في الكلام ، ولا ترفع صوتك فيما لا فائدة فيه; ولهذا قال تعالى : ( إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) قال مجاهد وغير واحد : إن أقبح الأصوات لصوت الحمير ، أي : غاية من رفع صوته أنه يشبه بالحمير في علوه ورفعه ، ومع هذا هو بغيض إلى الله تعالى . وهذا التشبيه في هذا بالحمير يقتضي تحريمه وذمه غاية الذم; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " ليس لنا مثل السوء ، العائد في هبته كالكلب يقيء ثم يعود في قيئه " .
وقال النسائي عند تفسير هذه الآية : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا الليث ، عن جعفر بن ربيعة ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم [ أنه ] قال : " إذا سمعتم صياح الديكة فاسألوا الله من فضله ، وإذا سمعتم نهيق الحمير فتعوذوا بالله من الشيطان ، فإنها رأت شيطانا " .
وقد أخرجه بقية الجماعة سوى ابن ماجه ، من طرق ، عن جعفر بن ربيعة به ، وفي بعض الألفاظ : " بالليل " ، فالله أعلم .
فهذه وصايا نافعة جدا ، وهي من قصص القرآن العظيم عن لقمان الحكيم . وقد روي عنه من الحكم والمواعظ أشياء كثيرة ، فلنذكر منها أنموذجا ودستورا إلى ذلك .
قال الإمام أحمد : حدثنا ابن إسحاق ، أخبرنا ابن المبارك ، أخبرنا سفيان ، أخبرني نهشل بن مجمع الضبي عن قزعة ، عن ابن عمر رضي الله عنه قال : أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لقمان الحكيم كان يقول : إن الله إذا استودع شيئا حفظه " .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا عيسى بن يونس ، عن الأوزاعي ، عن موسى بن سليمان ، عن القاسم [ بن مخيمرة يحدث عن أبي موسى الأشعري ] أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " قال لقمان لابنه وهو يعظه : يا بني ، إياك والتقنع فإنه مخوفة بالليل ، مذمة بالنهار " .
وقال : حدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن عثمان ، عن ضمرة ، حدثنا السري بن يحيى قال : قال لقمان لابنه : يا بني ، إن الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك .
وقال : حدثنا أبي ، حدثنا عبدة بن سليمان ، أخبرنا ابن المبارك ، حدثنا عبد الرحمن المسعودي ، عن عون بن عبد الله قال : قال لقمان لابنه : يا بني ، إذا أتيت نادي قوم فارمهم بسهم الإسلام - يعني السلام - ثم اجلس في ناحيتهم ، فلا تنطق حتى تراهم قد نطقوا ، فإن أفاضوا في ذكر الله فأجل سهمك معهم ، وإن أفاضوا في غير ذلك فتحول عنهم إلى غيرهم .
وحدثنا أبي ، حدثنا عمرو بن عثمان بن سعيد بن كثير بن دينار ، حدثنا ضمرة ، عن حفص بن عمر ، رضي الله عنه ، قال : وضع لقمان جرابا من خردل إلى جانبه ، وجعل يعظ ابنه وعظة ويخرج خردلة ، حتى نفذ الخردل ، فقال : يا بني ، لقد وعظتك موعظة لو وعظها جبل لتفطر . قال : فتفطر ابنه .
وقال أبو القاسم الطبراني : حدثنا يحيى بن عبد الباقي المصيصي ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الحراني ، حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي ، حدثنا أبين بن سفيان المقدسي ، عن خليفة بن سلام ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اتخذوا السودان فإن ثلاثة منهم من سادات أهل الجنة : لقمان الحكيم ، والنجاشي ، وبلال المؤذن " .
قال أبو القاسم الطبراني : أراد الحبش .
فصل في الخمول والتواضع
وذلك متعلق بوصية لقمان ، عليه السلام ، لابنه ، وقد جمع في ذلك الحافظ أبو بكر بن أبي الدنيا كتابا مفردا [ و ] نحن ، نذكر منه مقاصده ، قال : حدثنا إبراهيم بن المنذر ، حدثنا عبد الله بن موسى المدني ، عن أسامة بن زيد ، عن حفص بن عبيد الله بن أنس بن مالك : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " رب أشعث ذي طمرين يصفح عن أبواب الناس ، إذا أقسم على الله لأبره " .
ثم رواه من حديث جعفر بن سليمان ، عن ثابت وعلي بن زيد ، عن أنس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره ، وزاد منهم البراء بن مالك .
[ وروي أيضا عن أنس ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " طوبى للأتقياء الأثرياء الذين إذا حضروا لم يعرفوا ، وإذا غابوا لم يفتقدوا ، أولئك مصابيح مجردون من كل فتنة غبراء مشينة " ] . وقال أبو بكر بن سهل التميمي : حدثنا ابن أبي مريم ، حدثنا نافع بن يزيد ، عن عياش بن عباس ، عن عيسى بن عبد الرحمن ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه ، عن عمر ، رضي الله عنه ، أنه دخل المسجد فإذا هو بمعاذ بن جبل يبكي عند قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : ما يبكيك يا معاذ ؟ قال : حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سمعته يقول : " إن اليسير من الرياء شرك ، وإن الله يحب الأتقياء الأخفياء الأثرياء ، الذين إذا غابوا لم يفتقدوا ، وإذا حضروا لم يعرفوا ، قلوبهم مصابيح الهدى ، ينجون من كل غبراء مظلمة " .
حدثنا الوليد بن شجاع ، حدثنا عثام بن علي ، عن حميد بن عطاء الأعرج ، عن عبد الله بن الحارث ، عن عبد الله بن مسعود ، رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " رب ذي طمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبره ، لو قال : اللهم إني أسألك الجنة لأعطاه الجنة ، ولم يعطه من الدنيا شيئا " .
وقال أيضا : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، حدثنا أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن سالم بن أبي الجعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من أمتي من لو أتى باب أحدكم يسأله دينارا أو درهما أو فلسا لم يعطه ، ولو سأل الله الجنة لأعطاه إياها ، ولو سأله الدنيا لم يعطه إياها ، ولم يمنعها إياه لهوانه عليه ، ذو طمرين لا يؤبه له ، لو أقسم على الله لأبره " .
وهذا مرسل من هذا الوجه .
وقال أيضا : حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا جعفر بن سليمان ، حدثنا عوف قال : قال أبو هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من ملوك الجنة من هو أشعث أغبر ذو طمرين لا يؤبه له ، الذين إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذن لهم ، وإذا خطبوا النساء لم ينكحوا ، وإذا قالوا لم ينصت لهم ، حوائج أحدهم تتجلجل في صدره ، لو قسم نوره يوم القيامة بين الناس لوسعهم " . قال : وأنشدني عمر بن شبة ، عن ابن عائشة قال : قال عبد الله بن المبارك :
ألا رب ذي طمرين في منزل غدا زرابيه مبثوثة ونمارقه قد اطردت أنهاره حول قصره
وأشرق والتفت عليه حدائقه
وروي - أيضا - من حديث عبيد الله بن زحر ، عن علي بن زيد ، عن القاسم ، عن أبي أمامة مرفوعا : " قال الله : من أغبط أوليائي عندي : مؤمن خفيف الحاذ ، ذو حظ من صلاة ، أحسن عبادة ربه ، وأطاعه في السر ، وكان غامضا في الناس ، لا يشار إليه بالأصابع . إن صبر على ذلك " . قال : ثم نقد رسول الله بيده وقال : " عجلت منيته ، وقل تراثه ، وقلت بواكيه " .
وعن عبد الله بن عمرو قال : أحب عباد الله إلى الله الغرباء . قيل : ومن الغرباء ؟ قال : الفرارون بدينهم ، يجمعون يوم القيامة إلى عيسى بن مريم .
وقال الفضيل بن عياض : بلغني أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة : ألم أنعم عليك ؟ ألم أعطك ؟ ألم أسترك ؟ ألم . . ؟ ألم . . ؟ ألم أخمل ذكرك ؟ ثم قال الفضيل : إن استطعت ألا تعرف فافعل ، وما عليك ألا يثنى عليك ، وما عليك أن تكون مذموما عند الناس محمودا عند الله .
وكان ابن محيريز يقول : اللهم إني أسألك ذكرا خاملا .
وكان الخليل بن أحمد يقول : اللهم اجعلني عندك من أرفع خلقك ، واجعلني في نفسي من أوضع خلقك ، وعند الناس من أوسط خلقك . ثم قال :
باب ما جاء في الشهرة
حدثنا أحمد بن عيسى المصري ، حدثنا ابن وهب ، عن عمر بن الحارث وابن لهيعة ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن سنان بن سعد ، عن أنس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " حسب امرئ من الشر - إلا من عصم الله - أن يشير الناس إليه بالأصابع في دينه ودنياه ، وإن الله لا ينظر إلى صوركم ولكن إلى قلوبكم وأعمالكم " .
وروي مثله عن إسحاق بن البهلول ، عن ابن أبي فديك ، عن محمد بن عبد الواحد الأخنسي ، عن عبد الواحد بن أبي كثير ، عن جابر بن عبد الله مرفوعا ، مثله .
وروي عن الحسن مرسلا نحوه ، فقيل للحسن : فإنه يشار إليك بالأصابع ؟ فقال : إنما المراد من يشار إليه في دينه بالبدعة وفي دنياه بالفسق .
وعن علي ، رضي الله عنه ، قال : لا تبدأ لأن تشتهر ، ولا ترفع شخصك لتذكر ، وتعلم واكتم ،
واصمت تسلم ، تسر الأبرار ، وتغيظ الفجار .
وقال إبراهيم بن أدهم ، رحمه الله : ما صدق الله من أحب الشهرة .
وقال أيوب : ما صدق الله عبده إلا سره ألا يشعر بمكانه .
وقال محمد بن العلاء : من أحب الله أحب ألا يعرفه الناس .
وقال سماك بن سلمة : إياك وكثرة الأخلاء .
وقال أبان بن عثمان : إن أحببت أن يسلم لك دينك فأقل من المعارف; كان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من ثلاثة نهض وتركهم .
وقال : حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة ، عن عوف ، عن أبي رجاء قال : رأى طلحة قوما يمشون معه ، فقال : ذباب طمع ، وفراش النار .
وقال ابن إدريس ، عن هارون بن عنترة ، عن سليم بن حنظلة قال : بينا نحن حول أبي إذ علاه عمر بن الخطاب بالدرة وقال : إنها مذلة للتابع ، وفتنة للمتبوع .
وقال ابن عون ، عن الحسن : خرج ابن مسعود فاتبعه أناس ، فقال : والله لو تعلمون ما أغلق عليه بابي ، ما اتبعني منكم رجلان .
وقال حماد بن زيد : كنا إذا مررنا على المجلس ، ومعنا أيوب ، فسلم ، ردوا ردا شديدا ، فكان ذلك يغمه .
وقال عبد الرزاق ، عن معمر : كان أيوب يطيل قميصه ، فقيل له في ذلك ، فقال : إن الشهرة فيما مضى كانت في طول القميص ، واليوم في تشميره . واصطنع مرة نعلين على حذو نعلي النبي صلى الله عليه وسلم ، فلبسهما أياما ثم خلعهما ، وقال : لم أر الناس يلبسونهما .
وقال إبراهيم النخعي : لا تلبس من الثياب ما يشهر في الفقهاء ، ولا ما يزدريك السفهاء .
وقال الثوري : كانوا يكرهون من الثياب الجياد ، التي يشتهر بها ، ويرفع الناس إليه فيها أبصارهم . والثياب الرديئة التي يحتقر فيها ، ويستذل دينه .
وحدثنا خالد بن خداش : حدثنا حماد ، عن أبي حسنة - صاحب الزيادي - قال : كنا عند أبي قلابة إذ دخل عليه رجل عليه أكسية ، فقال : إياكم وهذا الحمار النهاق .
وقال الحسن ، رحمه الله : إن قوما جعلوا الكبر في قلوبهم ، والتواضع في ثيابهم ، فصاحب الكساء بكسائه أعجب من صاحب المطرف بمطرفه ، ما لهم تفاقدوا .
وفي بعض الأخبار أن موسى ، عليه السلام ، قال لبني إسرائيل : ما لكم تأتوني عليكم ثياب الرهبان ، وقلوبكم قلوب الذئاب ، البسوا ثياب الملوك ، وألينوا قلوبكم بالخشية .
فصل في حسن الخلق
قال أبو التياح : عن أنس ، رضي الله عنه : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا .
وعن عطاء ، عن ابن عمر : قيل : يا رسول الله ، أي المؤمنين أفضل ؟ قال : " أحسنهم خلقا " .
وعن نوح بن عباد ، عن ثابت ، عن أنس مرفوعا : " إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجات الآخرة وشرف المنازل ، وإنه لضعيف العبادة . وإنه ليبلغ بسوء خلقه درك جهنم وهو عابد " . وعن سنان بن هارون ، عن حميد ، عن أنس مرفوعا : " ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة " . وعن عائشة مرفوعا : " إن العبد ليبلغ بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار " .
وقال ابن أبي الدنيا : حدثني أبو مسلم عبد الرحمن بن يونس ، حدثنا عبد الله بن إدريس ، أخبرني أبي وعمي ، عن جدي ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة ، فقال : " تقوى الله وحسن الخلق " . وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار ، فقال : " الأجوفان : الفم والفرج " .
وقال أسامة بن شريك : كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاءته الأعراب من كل مكان ، فقالوا : يا رسول الله ، ما خير ما أعطي الإنسان ؟ قال : " حسن الخلق " .
وقال يعلى بن مملك : عن أم الدرداء ، عن أبي الدرداء - يبلغ به - قال : " ما [ من ] شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق " ، وكذا رواه عطاء ، عن أم الدرداء ، به .
وعن مسروق ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : " إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا " .
حدثنا عبد الله بن أبي بدر ، حدثنا محمد بن عبيد ، عن محمد بن أبي سارة ، عن الحسن بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله ليعطي العبد من الثواب على حسن الخلق ، كما يعطي المجاهد في سبيل الله ، يغدو عليه الأجر ويروح " .
وعن مكحول ، عن أبي ثعلبة مرفوعا : " إن أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا ، أحاسنكم أخلاقا ، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني منزلا في الجنة مساويكم أخلاقا ، الثرثارون المتشدقون المتفيهقون " .
وعن أبي أويس ، عن محمد بن المنكدر ، عن جابر مرفوعا : " ألا أخبركم بأكملكم إيمانا ، أحاسنكم أخلاقا ، الموطئون أكنافا ، الذين يؤلفون ويألفون " .
وقال الليث ، عن يزيد بن عبد الله بن أسامة ، عن بكر بن أبي الفرات قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما حسن الله خلق رجل وخلقه فتطعمه النار " .
وعن عبد الله بن غالب الحداني ، عن أبي سعيد مرفوعا : " خصلتان لا يجتمعان في مؤمن : البخل ، وسوء الخلق " ، وقال ميمون بن مهران ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من ذنب أعظم عند الله من سوء الخلق; وذلك أن صاحبه لا يخرج من ذنب إلا وقع في آخر " .
حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا أبو المغيرة الأحمسي ، حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق ، عن رجل من قريش قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من ذنب أعظم عند الله من سوء الخلق; إن الخلق الحسن ليذيب الذنوب كما تذيب الشمس الجليد ، وإن الخلق السيئ ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل " .
وقال عبد الله بن إدريس ، عن أبيه ، عن جده ، عن أبي هريرة مرفوعا : " إنكم لا تسعون الناس بأموالكم ، ولكن يسعهم منكم بسط وجوه وحسن خلق " .
وقال محمد بن سيرين : حسن الخلق عون على الدين .
فصل في ذم الكبر
قال علقمة ، عن ابن مسعود - رفعه - : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر ، ولا يدخل النار من في قلبه مثقال حبة من إيمان " .
وقال إبراهيم بن أبي عبلة ، عن أبي سلمة ، عن عبد الله بن عمرو مرفوعا : " من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر أكبه الله على وجهه في النار " .
حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، حدثنا أبو معاوية ، عن عمر بن راشد ، عن إياس بن سلمة ، عن أبيه مرفوعا : " لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب عند الله من الجبارين ، فيصيبه ما أصابهم من العذاب " .
وقال مالك بن دينار : ركب سليمان بن داود ، عليهما السلام ، ذات يوم البساط في مائتي ألف من الإنس ، ومائتي ألف من الجن ، فرفع حتى سمع تسبيح الملائكة في السماء ، ثم خفضوه حتى مست قدمه ماء البحر ، فسمعوا صوتا : لو كان في قلب صاحبكم مثقال ذرة من كبر لخسف به أبعد مما رفع .
حدثنا أبو خيثمة ، حدثنا يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس قال : كان أبو بكر يخطبنا فيذكر بدء خلق الإنسان ، حتى إن أحدنا ليقذر نفسه ، يقول : خرج من مجرى البول مرتين .
وقال الشعبي : من قتل اثنين فهو جبار ، ثم تلا أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض ) [ القصص : 19 ] وقال الحسن : عجبا لابن آدم ، يغسل الخرء بيده في اليوم مرتين ثم يتكبر! يعارض جبار السماوات ، قال : حدثنا خالد بن خداش ، حدثنا حماد بن زيد ، عن علي بن الحسن ، عن الضحاك بن سفيان ، فذكر الحديث . ضرب مثل الدنيا بما يخرج من ابن آدم .
وقال الحسن ، عن يحيى ، عن أبي قال : إن مطعم ابن آدم ضرب مثل للدنيا وإن قزحه وملحه .
وقال محمد بن الحسين بن علي - من ولد علي رضي الله عنه - : ما دخل قلب رجل شيء من الكبر إلا نقص من عقله بقدر ذلك .
وقال يونس بن عبيد : ليس مع السجود كبر ، ولا مع التوحيد نفاق .
ونظر طاوس إلى عمر بن عبد العزيز وهو يختال في مشيته ، وذلك قبل أن يستخلف ، فطعنه طاوس في جنبه بأصبعه ، وقال : ليس هذا شأن من في بطنه خرء ؟ فقال له كالمعتذر إليه : يا عم ، لقد ضرب كل عضو مني على هذه المشية حتى تعلمتها .
قال أبو بكر بن أبي الدنيا : كانت بنو أمية يضربون أولادهم حتى يتعلموا هذه المشية .
فصل في الاختيال
عن أبي ليلى ، عن ابن بريدة ، عن أبيه مرفوعا : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه " .
ورواه عن إسحاق بن إسماعيل ، عن سفيان ، عن زيد بن أسلم ، عن ابن عمر مرفوعا مثله . وحدثنا محمد بن بكار ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة مرفوعا : " لا ينظر الله يوم القيامة إلى من جر إزاره " . و " بينما رجل يتبختر في برديه ، أعجبته نفسه ، خسف الله به الأرض ، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة " .
وروى الزهري عن سالم ، عن أبيه : " بينما رجل . . . " إلى آخره .