تفسير ابن كثير - Ibn-Katheer   سورة  سبإ الأية 11


سورة Sura   سبإ   Saba
أَفْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ ۗ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (8) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَىٰ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ۚ إِن نَّشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفًا مِّنَ السَّمَاءِ ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِّكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ (9) ۞ وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا ۖ يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ ۖ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ (10) أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11) وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ ۖ وَأَسَلْنَا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ ۖ وَمِنَ الْجِنِّ مَن يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ ۖ وَمَن يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنَا نُذِقْهُ مِنْ عَذَابِ السَّعِيرِ (12) يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِن مَّحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَّاسِيَاتٍ ۚ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا ۚ وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ (13) فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَىٰ مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ ۖ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ (14)
الصفحة Page 429
أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ۖ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (11)

( أن اعمل سابغات ) وهي : الدروع . قال قتادة : وهو أول من عملها من الخلق ، وإنما كانت قبل ذلك صفائح .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا ابن سماعة ، حدثنا ابن ضمرة ، عن ابن شوذب قال : كان داود ، عليه السلام ، يرفع في كل يوم درعا فيبيعها بستة آلاف درهم : ألفين له ولأهله ، وأربعة آلاف درهم يطعم بها بني إسرائيل خبز الحوارى .

( وقدر في السرد ) : هذا إرشاد من الله لنبيه داود ، عليه السلام ، في تعليمه صنعة الدروع .

قال مجاهد في قوله : ( وقدر في السرد ) : لا تدق المسمار فيقلق في الحلقة ، ولا تغلظه فيفصمها ، واجعله بقدر .

وقال الحكم بن عتيبة : لا تغلظه فيفصم ، ولا تدقه فيقلق . وهكذا روي عن قتادة ، وغير واحد .

وقال علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس : السرد : حلق الحديد . وقال بعضهم : يقال : درع مسرودة : إذا كانت مسمورة الحلق ، واستشهد بقول الشاعر :

وعليهما مسرودتان قضاهما داود أو صنع السوابغ تبع

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة داود ، عليه والسلام ، من طريق إسحاق بن بشر - وفيه كلام - عن أبي إلياس ، عن وهب بن منبه ما مضمونه : أن داود ، عليه السلام ، كان يخرج متنكرا ، فيسأل الركبان عنه وعن سيرته ، فلا يسأل أحدا إلا أثنى عليه خيرا في عبادته وسيرته ومعدلته ، صلوات الله وسلامه عليه . قال وهب : حتى بعث الله ملكا في صورة رجل ، فلقيه داود فسأله كما كان يسأل غيره ، فقال : هو خير الناس لنفسه ولأمته ، إلا أن فيه خصلة لو لم تكن فيه كان كاملا قال : ما هي ؟ قال : يأكل ويطعم عياله من مال المسلمين ، يعني بيت المال ، فعند ذلك نصب داود ، عليه السلام ، إلى ربه في الدعاء أن يعلمه عملا بيده يستغني به ويغني به عياله ، فألان له الحديد ، وعلمه صنعة الدروع ، فعمل الدرع ، وهو أول من عملها ، فقال الله : ( أن اعمل سابغات وقدر في السرد ) يعني : مسامير الحلق ، قال : وكان يعمل الدرع ، فإذا ارتفع من عمله درع باعها ، فتصدق بثلثها ، واشترى بثلثها ما يكفيه وعياله ، وأمسك الثلث يتصدق به يوما بيوم إلى أن يعمل غيرها . وقال : إن الله أعطى داود شيئا لم يعطه غيره من حسن الصوت ، إنه كان إذا قرأ الزبور تسمع الوحش حتى يؤخذ بأعناقها وما تنفر ، وما صنعت الشياطين المزامير والبرابط والصنوج إلا على أصناف صوته . وكان شديد الاجتهاد ، وكان إذا افتتح الزبور بالقراءة كأنما ينفخ في المزامير ، وكأن قد أعطي سبعين مزمارا في حلقه .

وقوله : ( واعملوا صالحا ) أي : في الذي أعطاكم الله من النعم ، ( إني بما تعملون بصير ) أي : مراقب لكم ، بصير بأعمالكم وأقوالكم ، لا يخفى علي من ذلك شيء .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022