وقوله ( يطاف عليهم بكأس من معين بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون ) ، كما قال في الآية الأخرى : ( يطوف عليهم ولدان مخلدون . بأكواب وأباريق وكأس من معين . لا يصدعون عنها ولا ينزفون ) [ الواقعة : 17 - 19 ] فنزه الله خمر الآخرة عن الآفات التي في خمر الدنيا ، من صداع الرأس ووجع البطن - وهو الغول - وذهابها بالعقل جملة ، فقال تعالى هاهنا : ( يطاف عليهم بكأس من معين ) أي : بخمر من أنهار جارية ، لا يخافون انقطاعها ولا فراغها .
قال مالك ، عن زيد بن أسلم : خمر جارية بيضاء ، أي : لونها مشرق حسن بهي لا كخمر الدنيا في منظرها البشع الرديء ، من حمرة أو سواد أو اصفرار أو كدورة ، إلى غير ذلك مما ينفر الطبع السليم .وقوله - عز وجل - : ( لذة للشاربين ) أي طعمها طيب كلونها ، وطيب الطعم دليل على طيب الريح ، بخلاف خمر الدنيا في جميع ذلك .