تفسير ابن كثير - Ibn-Katheer   سورة  الزمر الأية 21


سورة Sura   الزمر   Az-Zumar
قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ (11) وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ (12) قُلْ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (13) قُلِ اللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِي (14) فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مِّن دُونِهِ ۗ قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ أَلَا ذَٰلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ (15) لَهُم مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ۚ ذَٰلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ ۚ يَا عِبَادِ فَاتَّقُونِ (16) وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إِلَى اللَّهِ لَهُمُ الْبُشْرَىٰ ۚ فَبَشِّرْ عِبَادِ (17) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ ۚ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ ۖ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ (18) أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ (19) لَٰكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ۖ وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21)
الصفحة Page 460
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَلَكَهُ يَنَابِيعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (21)

يخبر تعالى : أن أصل الماء في الأرض من السماء كما قال تعالى : ( وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) [ الفرقان : 48 ] ، فإذا أنزل الماء من السماء كمن في الأرض ، ثم يصرفه تعالى في أجزاء الأرض كما يشاء ، وينبعه عيونا ما بين صغار وكبار ، بحسب الحاجة إليها ; ولهذا قال : ( فسلكه ينابيع في الأرض ) .

قال ابن أبي حاتم - رحمه الله - : حدثنا علي بن الحسين ، حدثنا عمرو بن علي ، حدثنا أبو قتيبة عتبة بن يقظان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس في قوله تعالى : ( ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض ) ، قال : ليس في الأرض ماء إلا نزل من السماء ، ولكن عروق في الأرض تغيره ، فذلك قوله تعالى : ( فسلكه ينابيع في الأرض ) ، فمن سره أن يعود الملح عذبا فليصعده .

وكذا قال سعيد بن جبير ، وعامر الشعبي : أن كل ماء في الأرض فأصله من السماء .

وقال سعيد بن جبير : أصله من الثلج يعني : أن الثلج يتراكم على الجبال ، فيسكن في قرارها ، فتنبع العيون من أسافلها .

وقوله : ( ثم يخرج به زرعا مختلفا ألوانه ) أي : ثم يخرج بالماء النازل من السماء والنابع من الأرض زرعا ( مختلفا ألوانه ) أي : أشكاله وطعومه وروائحه ومنافعه ، ( ثم يهيج ) أي : بعد نضارته وشبابه يكتهل ( فتراه مصفرا ) ، قد خالطه اليبس ، ( ثم يجعله حطاما ) أي : ثم يعود يابسا يتحطم ، ( إن في ذلك لذكرى لأولي الألباب ) أي : الذين يتذكرون بهذا فيعتبرون إلى أن الدنيا هكذا ، تكون خضرة نضرة حسناء ، ثم تعود عجوزا شوهاء ، والشاب يعود شيخا هرما كبيرا ضعيفا [ قد خالطه اليبس ] ، وبعد ذلك كله الموت . فالسعيد من كان حاله بعده إلى خير ، وكثيرا ما يضرب الله تعالى مثل الحياة الدنيا بما ينزل الله من السماء من ماء ، وينبت به زروعا وثمارا ، ثم يكون بعد ذلك حطاما ، كما قال تعالى : ( واضرب لهم مثل الحياة الدنيا كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض فأصبح هشيما تذروه الرياح وكان الله على كل شيء مقتدرا ) [ الكهف : 45 ] .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022