يذكر تعالى سبب إنجائه بني إسرائيل من فرعون وقومه ، وكيفية خلاصهم منهم وذلك أن الله تعالى أمر موسى وأخاه هارون ، عليهما السلام ( أن تبوءا ) أي : يتخذا لقومهما بمصر بيوتا .
واختلف المفسرون في معنى قوله تعالى : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) فقال الثوري وغيره ، عن خصيف ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) قال : أمروا أن يتخذوها مساجد .
وقال الثوري أيضا ، عن ابن منصور ، عن إبراهيم : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) قال : كانوا خائفين ، فأمروا أن يصلوا في بيوتهم .
وكذا قال مجاهد ، وأبو مالك ، والربيع بن أنس ، والضحاك ، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم ، وأبوه زيد بن أسلم : وكأن هذا - والله أعلم - لما اشتد بهم البلاء من قبل فرعون وقومه ، وضيقوا عليهم ، أمروا بكثرة الصلاة ، كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة ) [ البقرة : 156 ] . وفي الحديث : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى . أخرجه أبو داود . ولهذا قال تعالى في هذه الآية : ( واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين ) أي : بالثواب والنصر القريب .
وقال العوفي ، عن ابن عباس ، في تفسير هذه الآية قال : قالت بنو إسرائيل لموسى ، عليه السلام : لا نستطيع أن نظهر صلاتنا مع الفراعنة ، فأذن الله تعالى لهم أن يصلوا في بيوتهم ، وأمروا أن يجعلوا بيوتهم قبل القبلة . وقال مجاهد : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) قال : لما خاف بنو إسرائيل من فرعون أن يقتلوا في الكنائس الجامعة ، أمروا أن يجعلوا بيوتهم مساجد مستقبلة الكعبة ، يصلون فيها سرا . وكذا قال قتادة ، والضحاك .
وقال سعيد بن جبير : ( واجعلوا بيوتكم قبلة ) أي : يقابل بعضها بعضا .