تفسير ابن كثير - Ibn-Katheer   سورة  يونس الأية 88


سورة Sura   يونس   Yunus
وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ (79) فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُم مُّوسَىٰ أَلْقُوا مَا أَنتُم مُّلْقُونَ (80) فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَىٰ مَا جِئْتُم بِهِ السِّحْرُ ۖ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ ۖ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ (81) وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ (82) فَمَا آمَنَ لِمُوسَىٰ إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَىٰ خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ ۚ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ (83) وَقَالَ مُوسَىٰ يَا قَوْمِ إِن كُنتُمْ آمَنتُم بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِن كُنتُم مُّسْلِمِينَ (84) فَقَالُوا عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (85) وَنَجِّنَا بِرَحْمَتِكَ مِنَ الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (86) وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (87) وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)
الصفحة Page 218
وَقَالَ مُوسَىٰ رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَن سَبِيلِكَ ۖ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَىٰ أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّىٰ يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (88)

هذا إخبار من الله تعالى عما دعا به موسى ، عليه السلام ، على فرعون وملئه ، لما أبوا قبول الحق واستمروا على ضلالهم وكفرهم معاندين جاحدين ، ظلما وعلوا وتكبرا وعتوا ، قال : ( ربنا إنك آتيت فرعون وملأه زينة ) أي : من أثاث الدنيا ومتاعها ، ( وأموالا ) أي : جزيلة كثيرة ، ( في ) هذه ( الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك ) - بفتح الياء - أي : أعطيتهم ذلك وأنت تعلم أنهم لا يؤمنون بما أرسلتني به إليهم استدراجا منك لهم ، كما قال تعالى : ( لنفتنهم فيه )

وقرأ آخرون : ( ليضلوا ) بضم الياء ، أي : ليفتتن بما أعطيتهم من شئت من خلقك ، ليظن من أغويته أنك إنما أعطيت هؤلاء هذا لحبك إياهم واعتنائك بهم .

( ربنا اطمس على أموالهم ) قال ابن عباس ، ومجاهد : أي : أهلكها . وقال الضحاك ، وأبو العالية ، والربيع بن أنس : جعلها الله حجارة منقوشة كهيئة ما كانت .

وقال قتادة : بلغنا أن زروعهم تحولت حجارة .

وقال محمد بن كعب القرظي : اجعل سكرهم حجارة .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث ، حدثنا يحيى بن أبي بكير ، عن أبي معشر ، حدثني محمد بن قيس : أن محمد بن كعب قرأ سورة يونس على عمر بن عبد العزيز : ( وقال موسى ربنا إنك آتيت فرعون وملأه ) إلى قوله : ( اطمس على أموالهم ) إلى آخرها [ فقال له : عمر يا أبا حمزة أي شيء الطمس ؟ قال : عادت أموالهم كلها حجارة ] فقال عمر بن عبد العزيز لغلام له : ائتني بكيس . [ فجاءه بكيس ] فإذا فيه حمص وبيض ، قد قطع حول حجارة .

وقوله : ( واشدد على قلوبهم ) قال ابن عباس : أي اطبع عليها ، ( فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم )

وهذه الدعوة كانت من موسى ، عليه السلام ، غضبا لله ولدينه على فرعون وملئه ، الذين تبين له أنه لا خير فيهم ، ولا يجيء منهم شيء كما دعا نوح ، عليه السلام ، فقال : ( رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا ) [ نوح : 26 ، 27 ] ؛ ولهذا استجاب الله تعالى لموسى ، عليه السلام ، فيهم هذه الدعوة ، التي أمن عليها أخوه هارون ، فقال تعالى : ( قد أجيبت دعوتكما )

قال أبو العالية ، وأبو صالح ، وعكرمة ، ومحمد بن كعب القرظي ، والربيع بن أنس : دعا موسى وأمن هارون ، أي : قد أجبناكما فيما سألتما من تدمير آل فرعون .

وقد يحتج بهذه الآية من يقول : " إن تأمين المأموم على قراءة الفاتحة ينزل منزلة قراءتها ؛ لأن موسى دعا وهارون أمن " .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022