يقول تعالى مخبرا عن كفر فرعون وعناده وبغيه ومكابرته الحق بالباطل ، حين رأى ما رأى من المعجزة الباهرة والآية العظيمة ، ورأى الذين قد استنصر بهم قد آمنوا بحضرة الناس كلهم وغلب كل الغلب - شرع في المكابرة والبهت ، وعدل إلى استعمال جاهه وسلطانه في السحرة ، فتهددهم وأوعدهم وقال ( آمنتم له ) أي : صدقتموه ( قبل أن آذن لكم ) أي : وما أمرتكم بذلك ، وافتتم علي في ذلك . وقال قولا يعلم هو والسحرة والخلق كلهم أنه بهت وكذب : ( إنه لكبيركم الذي علمكم السحر ) أي أنتم إنما أخذتم السحر عن موسى ، واتفقتم أنتم وإياه علي وعلى رعيتي ، لتظهروه ، كما قال في الآية الأخرى : ( إن هذا لمكر مكرتموه في المدينة لتخرجوا منها أهلها فسوف تعلمون ) [ الأعراف 123 ] .
ثم أخذ يتهددهم فقال : ( فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ) أي : لأجعلنكم مثلة [ ولأقتلنكم ] ولأشهرنكم .
قال ابن عباس : فكان أول من فعل ذلك . رواه ابن أبي حاتم .
وقوله : ( ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى ) أي أنتم تقولون : إني وقومي على ضلالة ، وأنتم مع موسى وقومه على الهدى . فسوف تعلمون من يكون له العذاب ويبقى فيه .
فلما صال عليهم بذلك وتوعدهم ، هانت عليهم أنفسهم في الله عز وجل