تفسير ابن كثير - Ibn-Katheer   سورة  طه الأية 132


سورة Sura   طه   Taa-Haa
قَالَ كَذَٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا ۖ وَكَذَٰلِكَ الْيَوْمَ تُنسَىٰ (126) وَكَذَٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ ۚ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ (127) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُم مِّنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّأُولِي النُّهَىٰ (128) وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَامًا وَأَجَلٌ مُّسَمًّى (129) فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَىٰ (130) وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ (131) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ (132) وَقَالُوا لَوْلَا يَأْتِينَا بِآيَةٍ مِّن رَّبِّهِ ۚ أَوَلَمْ تَأْتِهِم بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ (133) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزَىٰ (134) قُلْ كُلٌّ مُّتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا ۖ فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَىٰ (135)
الصفحة Page 321
وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ۖ لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ۖ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ ۗ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ (132)

وقوله : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) أي : استنقذهم من عذاب الله بإقام الصلاة ، واصطبر أنت على فعلها كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا ) [ التحريم : 6 ] .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أحمد بن صالح ، حدثنا ابن وهب أخبرني هشام بن سعد ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه : أن عمر بن الخطاب كان يبيت عنده أنا ويرفأ ، وكان له ساعة من الليل يصلي فيها ، فربما لم يقم فنقول : لا يقوم الليلة كما كان يقوم ، وكان إذا [ استيقظ أقام ] - يعني أهله - وقال : ( وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها ) .

وقوله : ( لا نسألك رزقا نحن نرزقك ) يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب ، كما قال تعالى : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) [ الطلاق : 2 ، 3 ] ، وقال تعالى : ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين ) [ الذاريات : 56 - 58 ] ولهذا قال : ( لا نسألك رزقا نحن نرزقك ) وقال الثوري : ( لا نسألك رزقا ) أي : لا نكلفك الطلب . وقال ابن أبي حاتم [ أيضا ] حدثنا أبو سعيد الأشج ، حدثنا حفص بن غياث ، عن هشام ، عن أبيه; أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا ، فرأى من دنياهم طرفا فإذا رجع إلى أهله ، فدخل الدار قرأ : ( ولا تمدن عينيك ) إلى قوله : ( نحن نرزقك ) ثم يقول : الصلاة الصلاة ، رحمكم الله .

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا عبد الله بن أبي زياد القطواني ، حدثنا سيار ، حدثنا جعفر ، عن ثابت قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه خصاصة نادى أهله : " يا أهلاه ، صلوا ، صلوا " . قال ثابت : وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة .

وقد روى الترمذي وابن ماجه ، من حديث عمران بن زائدة ، عن أبيه ، عن أبي خالد الوالبي ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول الله تعالى : يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى ، وأسد فقرك ، وإن لم تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك " .

وروى ابن ماجه من حديث الضحاك ، عن الأسود ، عن ابن مسعود : سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول : " من جعل الهموم هما واحدا هم المعاد كفاه الله هم دنياه . ومن تشعبت به الهموم في أحوال الدنيا لم يبال الله في أي أوديته هلك " .

وروي أيضا من حديث شعبة ، عن عمر بن سليمان عن عبد الرحمن بن أبان ، عن أبيه ، عن زيد بن ثابت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره ، وجعل فقره بين عينيه ، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له . ومن كانت الآخرة نيته ، جمع له أمره ، وجعل غناه في قلبه ، وأتته الدنيا وهي راغمة " .

( والعاقبة للتقوى ) أي : وحسن العاقبة في الدنيا والآخرة ، وهي الجنة ، لمن اتقى الله .

وفي الصحيح : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " رأيت الليلة كأنا في دار عقبة بن رافع وأنا أتينا برطب [ من رطب ] ابن طاب ، فأولت ذلك أن العاقبة لنا في الدنيا والرفعة وأن ديننا قد طاب " .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022