وقوله : ( ولسليمان الريح عاصفة ) أي : وسخرنا لسليمان الريح العاصفة ، ( تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها ) يعني أرض الشام ، ( وكنا بكل شيء عالمين ) وذلك أنه كان له بساط من خشب ، يوضع عليه كل ما يحتاج إليه من أمور المملكة ، والخيل والجمال والخيام والجند ، ثم يأمر الريح أن تحمله فتدخل تحته ، ثم تحمله فترفعه وتسير به ، وتظله الطير من الحر ، إلى حيث يشاء من الأرض ، فينزل وتوضع آلاته وخشبه ، قال الله تعالى : ( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب ) ، وقال ( غدوها شهر ورواحها شهر ) [ سبأ : 12 ] .
قال ابن أبي حاتم : ذكر عن سفيان بن عيينة ، عن أبي سنان ، عن سعيد بن جبير قال : كان يوضع لسليمان ستمائة ألف كرسي ، فيجلس مما يليه مؤمنو الإنس ، ثم يجلس من ورائهم مؤمنو الجن ، ثم يأمر الطير فتظلهم ، ثم يأمر الريح فتحمله صلى الله عليه وسلم .
وقال عبد الله بن عبيد بن عمير : كان سليمان يأمر الريح ، فتجتمع كالطود العظيم ، كالجبل ، ثم يأمر بفراشه فيوضع على أعلى مكان منها ، ثم يدعو بفرس من ذوات الأجنحة ، فترتفع حتى تصعد على فراشه ، ثم يأمر الريح فترتفع به كل شرف دون السماء ، وهو مطأطئ رأسه ، ما يلتفت يمينا ولا شمالا تعظيما لله عز وجل ، وشكرا لما يعلم من صغر ما هو فيه في ملك الله تعالى حتى تضعه الريح حيث شاء أن تضعه