وقوله تعالى : ( وأصبح الذين تمنوا مكانه بالأمس ) أي : الذين لما رأوه في زينته قالوا ( يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم ) ، فلما خسف به أصبحوا يقولون : ( ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر ) أي : ليس المال بدال على رضا الله عن صاحبه [ وعن عباده ] ; فإن الله يعطي ويمنع ، ويضيق ويوسع ، ويخفض ويرفع ، وله الحكمة التامة والحجة البالغة . وهذا كما في الحديث المرفوع عن ابن مسعود : " إن الله قسم بينكم أخلاقكم ، كما قسم أرزاقكم وإن الله يعطي المال من يحب ، ومن لا يحب ، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب " .
( لولا أن من الله علينا لخسف بنا ) أي : لولا لطف الله بنا وإحسانه إلينا لخسف بنا ، كما خسف به ، لأنا وددنا أن نكون مثله .
( ويكأنه لا يفلح الكافرون ) يعنون : أنه كان كافرا ، ولا يفلح الكافر عند الله ، لا في الدنيا ولا في الآخرة .
وقد اختلف النحاة في معنى قوله تعالى [ هاهنا ] : ( ويكأن ) ، فقال بعضهم : معناها : " ويلك اعلم أن " ، ولكن خففت فقيل : " ويك " ، ودل فتح " أن " على حذف " اعلم " . وهذا القول ضعفه ابن جرير ، والظاهر أنه قوي ، ولا يشكل على ذلك إلا كتابتها في المصاحف متصلة " ويكأن " . والكتابة أمر وضعي اصطلاحي ، والمرجع إلى اللفظ العربي ، والله أعلم .
وقيل : معناها : ويكأن ، أي : ألم تر أن . قاله قتادة . وقيل : معناها " وي كأن " ، ففصلها وجعل حرف " وي " للتعجب أو للتنبيه ، و " كأن " بمعنى " أظن وأحسب " . قال ابن جرير : وأقوى الأقوال في هذا قول قتادة : إنها بمعنى : ألم تر أن ، واستشهد بقول الشاعر :
سالتاني الطلاق أن رأتاني قل مالي ، وقد جئتماني بنكر ويكأن من يكن له نشب يح
بب ومن يفتقر يعش عيش ضر