يقول تعالى معرضا بأهل مكة في قوله : ( وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها ) أي : طغت وأشرت وكفرت نعمة الله ، فيما أنعم به عليهم من الأرزاق ، كما قال في الآية الأخرى : ( وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون . ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون ) [ النحل 112 ، 113 ] ولهذا قال : ( فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا ) أي : دثرت ديارهم فلا ترى إلا مساكنهم .
وقوله : ( وكنا نحن الوارثين ) أي : رجعت خرابا ليس فيها أحد .
وقد ذكر ابن أبي حاتم [ هاهنا ] عن ابن مسعود أنه سمع كعبا يقول لعمر : إن سليمان عليه السلام قال للهامة - يعني البومة - ما لك لا تأكلين الزرع ؟ قالت : لأنه أخرج آدم بسببه من الجنة . قال : فما لك لا تشربين الماء ؟ قالت : لأن الله أغرق قوم نوح به . قال : فما لك لا تأوين إلا إلى الخراب ؟ قالت : لأنه ميراث الله عز وجل ، ثم تلا ( وكنا نحن الوارثين ) .