يخبر تعالى أن جميع أهل الأرض سيذهبون ويموتون أجمعون ، وكذلك أهل السماوات إلا من شاء الله ، ولا يبقى أحد سوى وجهه الكريم ; فإن الرب - تعالى وتقدس - لا يموت ، بل هو الحي الذي لا يموت أبدا .
قال قتادة : أنبأ بما خلق ، ثم أنبأ أن ذلك كله كان .
وفي الدعاء المأثور : يا حي ، يا قيوم ، يا بديع السماوات والأرض ، يا ذا الجلال والإكرام ، لا إله إلا أنت ، برحمتك نستغيث ، أصلح لنا شأننا كله ، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ، ولا إلى أحد من خلقك .
وقال الشعبي : إذا قرأت ( كل من عليها فان ) ، فلا تسكت حتى تقرأ : ( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) .
وهذه الآية كقوله تعالى : ( كل شيء هالك إلا وجهه ) [ القصص : 88 ] ، وقد نعت تعالى وجهه الكريم في هذه الآية الكريمة بأنه ( ذو الجلال والإكرام ) أي : هو أهل أن يجل فلا يعصى ، وأن يطاع فلا يخالف ، كقوله : ( واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) [ الكهف : 28 ] ، وكقوله إخبارا عن المتصدقين : ( إنما نطعمكم لوجه الله ) [ الإنسان : 9 ]
قال ابن عباس : ( ذو الجلال والإكرام ) ذو العظمة والكبرياء .
ولما أخبر عن تساوي أهل الأرض كلهم في الوفاة ، وأنهم سيصيرون إلى الدار الآخرة ، فيحكم فيهم ذو الجلال والإكرام بحكمه العدل