ثم قال : ( تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام ) أي : هو أهل أن يجل فلا يعصى ، وأن يكرم فيعبد ، ويشكر فلا يكفر ، وأن يذكر فلا ينسى .
وقال ابن عباس : ( ذي الجلال والإكرام ) ذي العظمة والكبرياء .
وقال الإمام أحمد : حدثنا موسى بن داود ، حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن عمير بن هانئ ، عن أبي العذراء ، عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أجدوا الله يغفر لكم " .
وفي الحديث الآخر : " إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم ، وذي السلطان ، وحامل القرآن غير الغالي فيه ولا الجافي عنه " .
وقال الحافظ أبو يعلى : حدثنا أبو يوسف الجيزي ، حدثنا مؤمل بن إسماعيل ، حدثنا حماد ، حدثنا حميد الطويل ، عن أنس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام " .
وكذا رواه الترمذي ، عن محمود بن غيلان ، عن مؤمل بن إسماعيل ، عن حماد بن سلمة ، به . ثم قال : غلط المؤمل فيه ، وهو غريب وليس بمحفوظ ، وإنما يروى هذا عن حماد بن سلمة ، عن حميد ، عن الحسن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقال الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن إسحاق ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن يحيى بن حسان المقدسي ، عن ربيعة بن عامر قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " ألظوا بذي الجلال والإكرام " .
ورواه النسائي من حديث عبد الله بن المبارك ، به .
وقال الجوهري : ألظ فلان بفلان : إذا لزمه .
وقول ابن مسعود : " ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام " أي : الزموا . ويقال : الإلظاظ هو الإلحاح .
قلت : وكلاهما قريب من الآخر - والله أعلم - وهو المداومة واللزوم والإلحاح . وفي صحيح مسلم والسنن الأربعة من حديث عبد الله بن الحارث ، عن عائشة قالت : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سلم لا يقعد - يعني : بعد الصلاة - إلا قدر ما يقول : " اللهم أنت السلام ومنك السلام ، تباركت ذا الجلال والإكرام " .
آخر تفسير سورة الرحمن ، ولله الحمد [ والمنة ] .