ينهى تبارك وتعالى عن موالاة الكافرين في آخر " هذه السورة " كما نهى عنها في أولها فقال : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم ) يعني : اليهود والنصارى وسائر الكفار ، ممن غضب الله عليه ولعنه واستحق من الله الطرد والإبعاد ، فكيف توالونهم وتتخذونهم أصدقاء وأخلاء وقد يئسوا من الآخرة ، أي : من ثواب الآخرة ونعيمها في حكم الله عز وجل . وقوله : ( كما يئس الكفار من أصحاب القبور ) فيه قولان ، أحدهما : كما يئس الكفار الأحياء من قراباتهم الذين في القبور أن يجتمعوا بهم بعد ذلك ; لأنهم لا يعتقدون بعثا ولا نشورا ، فقد انقطع رجاؤهم منهم فيما يعتقدونه .
قال العوفي ، عن ابن عباس : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم ) إلى آخر السورة ، يعني من مات من الذين كفروا فقد يئس الأحياء من الذين كفروا أن يرجعوا إليهم أو يبعثهم الله عز وجل .
وقال الحسن البصري : ( كما يئس الكفار من أصحاب القبور ) قال : الكفار الأحياء قد يئسوا من الأموات .
وقال قتادة : كما يئس الكفار أن يرجع إليهم أصحاب القبور الذين ماتوا . وكذا قال الضحاك . رواهن ابن جرير .
والقول الثاني : معناه : كما يئس الكفار الذين هم في القبور من كل خير .
قال الأعمش ، عن أبي الضحى ، عن مسروق ، عن ابن مسعود : ( كما يئس الكفار من أصحاب القبور ) قال : كما يئس هذا الكافر إذا مات وعاين ثوابه واطلع عليه . وهذا قول مجاهد ، وعكرمة ، ومقاتل ، وابن زيد ، والكلبي ، ومنصور . وهو اختيار ابن جرير .
آخر تفسير سورة الممتحنة ولله الحمد والمنة.