تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  القصص الأية 58


سورة Sura   القصص   Al-Qasas
۞ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (51) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِن قَبْلِهِ هُم بِهِ يُؤْمِنُونَ (52) وَإِذَا يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِن قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ (53) أُولَٰئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُم مَّرَّتَيْنِ بِمَا صَبَرُوا وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (54) وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ (55) إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56) وَقَالُوا إِن نَّتَّبِعِ الْهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ۚ أَوَلَمْ نُمَكِّن لَّهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَىٰ إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِّزْقًا مِّن لَّدُنَّا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (57) وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ۖ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58) وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَىٰ حَتَّىٰ يَبْعَثَ فِي أُمِّهَا رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِنَا ۚ وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَىٰ إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ (59)
الصفحة Page 392
وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ۖ فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلَّا قَلِيلًا ۖ وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58)

القول في تأويل قوله تعالى : وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلا قَلِيلا وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ (58)

يقول تعالى ذكره: ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ ) أبطرتها( مَعِيشَتَهَا ) فبطرت, وأشِرت, وطَغَت, فكفرت ربها.

وقيل: بطرت معيشتها, فجعل الفعل للقرية, وهو في الأصل للمعيشة, كما يقال: أسفهك رأيك فَسفِهته, وأبطرك مالك فبطرته, والمعيشة منصوبة على التفسير.

وقد بيَّنا نظائر ذلك في غير موضع من كتابنا هذا.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

حدثنا يونس, قال: أخبرنا ابن وهب, قال: قال ابن زيد, في قوله: ( وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا ) قال: البطر: أَشَرُ أهل الغفلة وأهل الباطل والركوب لمعاصي الله, وقال: ذلك البطر في النعمة ( فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَنْ مِنْ بَعْدِهِمْ إِلا قَلِيلا ) يقول: فتلك دور القوم الذين أهلكناهم بكفرهم بربهم، ومنازلهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا يقول: خربت من بعدهم, فلم يعمر منها إلا أقلها, وأكثرها خراب. ولفظ الكلام وإن كان خارجا على أن مساكنهم قد سُكِنت قليلا فإن معناه: فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا منها, كما يقال: قضيت حقك إلا قليلا منه.

وقوله: ( وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ ) يقول: ولم يكن لما خرّبنا من مساكنهم منهم وإرث, وعادت كما كانت قبل سُكناهم فيها, لا مالك لها إلا الله, الذي له ميراث السماوات والأرض.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022