وقوم آخرون قالوا كما قال الله : ( وإذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب ) يعني : المدينة ، كما جاء في الصحيح : " أريت [ في المنام ] دار هجرتكم ، أرض بين حرتين فذهب وهلي أنها هجر ، فإذا هي يثرب " ، وفي لفظ : " المدينة " .
فأما الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا إبراهيم بن مهدي ، حدثنا صالح بن عمر ، عن يزيد بن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن البراء ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سمى المدينة يثرب ، فليستغفر الله ، هي طابة ، هي طابة " .
تفرد به الإمام أحمد ، وفي إسناده ضعف ، والله أعلم .
ويقال : إنما كان أصل تسميتها " يثرب " برجل نزلها من العماليق ، يقال له : يثرب بن عبيل بن مهلابيل بن عوص بن عملاق بن لاوذ بن إرم بن سام بن نوح . قاله السهيلي ، قال : وروي عن بعضهم أنه قال : إن لها [ في التوراة ] أحد عشر اسما : المدينة ، وطابة ، وطيبة ، المسكينة ، والجابرة ، والمحبة ، والمحبوبة ، والقاصمة ، والمجبورة ، والعذراء ، والمرحومة .
وعن كعب الأحبار قال : إنا نجد في التوراة يقول الله للمدينة : يا طيبة ، ويا طابة ، ويا مسكينة [ لا تقلي الكنوز ، أرفع أحاجرك على أحاجر القرى ] .
وقوله : ( لا مقام لكم ) أي : هاهنا ، يعنون عند النبي صلى الله عليه وسلم في مقام المرابطة ، ( فارجعوا ) أي : إلى بيوتكم ومنازلكم . ( ويستأذن فريق منهم النبي ) : قال العوفي ، عن ابن عباس : هم بنو حارثة قالوا : بيوتنا نخاف عليها السرق . وكذا قال غير واحد .
وذكر ابن إسحاق : أن القائل لذلك هو أوس بن قيظي ، يعني : اعتذروا في الرجوع إلى منازلهم بأنها عورة ، أي : ليس دونها ما يحجبها عن العدو ، فهم يخشون عليها منهم . قال الله تعالى : ( وما هي بعورة ) أي : ليست كما يزعمون ، ( إن يريدون إلا فرارا ) أي : هربا من الزحف .