ثم أخبر تعالى عنهم ، فقال : ( أولئك هم الكافرون حقا ) أي : كفرهم محقق لا محالة بمن ادعوا الإيمان به ; لأنه ليس شرعيا ، إذ لو كانوا مؤمنين به لكونه رسول الله لآمنوا بنظيره ، وبمن هو أوضح دليلا وأقوى برهانا منه ، لو نظروا حق النظر في نبوته .
وقوله : ( وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ) أي : كما استهانوا بمن كفروا به إما لعدم نظرهم فيما جاءهم به من الله ، وإعراضهم عنه وإقبالهم على جمع حطام الدنيا مما لا ضرورة بهم إليه ، وإما بكفرهم به بعد علمهم بنبوته ، كما كان يفعله كثير من أحبار اليهود في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث حسدوه على ما آتاه الله من النبوة العظيمة ، وخالفوه وكذبوه وعادوه وقاتلوه ، فسلط الله عليهم الذل الدنيوي الموصول بالذل الأخروي : ( وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله ) [ البقرة : 61 ] في الدنيا والآخرة .