يأمر تعالى بدفع أموال اليتامى إليهم إذا بلغوا الحلم كاملة موفرة ، وينهى عن أكلها وضمها إلى أموالهم; ولهذا قال : ( ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب ) قال سفيان الثوري ، عن أبي صالح : لا تعجل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الرزق الحلال الذي قدر لك .
وقال سعيد بن جبير : لا تبدلوا الحرام من أموال الناس بالحلال من أموالكم ، يقول : لا تبذروا أموالكم الحلال وتأكلوا أموالهم الحرام .
وقال سعيد بن المسيب والزهري : لا تعط مهزولا وتأخذ سمينا .
وقال إبراهيم النخعي والضحاك : لا تعط زائفا وتأخذ جيدا .
وقال السدي : كان أحدهم يأخذ الشاة السمينة من غنم اليتيم ، ويجعل فيها مكانها الشاة المهزولة ، ويقول شاة بشاة ، ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف ، ويقول : درهم بدرهم .
وقوله : ( ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم ) قال مجاهد ، وسعيد بن جبير ، ومقاتل بن حيان ، والسدي ، وسفيان بن حسين : أي لا تخلطوها فتأكلوها جميعا .
وقوله : ( إنه كان حوبا كبيرا ) قال ابن عباس : أي إثما كبيرا عظيما .
وقد رواه ابن مردويه ، عن أبي هريرة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله : ( حوبا كبيرا ) قال : " إثما كبيرا " . ولكن في إسناده محمد بن يونس الكديمي وهو ضعيف وهكذا روي عن مجاهد ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وابن سيرين ، وقتادة ، والضحاك ، ومقاتل بن حيان ، وأبي مالك ، وزيد بن أسلم ، وأبي سنان مثل قول ابن عباس .
وفي الحديث المروي في سنن أبي داود : " اغفر لنا حوبنا وخطايانا " .
وروى ابن مردويه بإسناده إلى واصل ، مولى أبي عيينة ، عن محمد بن سيرين ، عن ابن عباس : أن أبا أيوب طلق امرأته ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أبا أيوب ، إن طلاق أم أيوب كان حوبا " قال ابن سيرين : الحوب الإثم .
ثم قال ابن مردويه : حدثنا عبد الباقي ، حدثنا بشر بن موسى ، أخبرنا هوذة بن خليفة ، أخبرنا عوف ، عن أنس : أن أبا أيوب أراد طلاق أم أيوب ، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " إن طلاق أم أيوب لحوب فأمسكها " ثم رواه ابن مردويه والحاكم في مستدركه من حديث علي بن عاصم ، عن حميد الطويل ، سمعت أنس بن مالك يقول : أراد أبو طلحة أن يطلق أم سليم فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن طلاق أم سليم لحوب " فكف .
والمعنى : إن أكلكم أموالهم مع أموالكم إثم عظيم وخطأ كبير فاجتنبوه .