تفسير ابن كثير - Ibn-Katheer   سورة  الأنعام الأية 44


سورة Sura   الأنعام   Al-An'aam
۞ إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ ۘ وَالْمَوْتَىٰ يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (36) وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ ۚ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلَ آيَةً وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (37) وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُم ۚ مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ۚ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (38) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُمَاتِ ۗ مَن يَشَإِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (39) قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ (40) بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِن شَاءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ (41) وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُم بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ (42) فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44)
الصفحة Page 132
فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ (44)

( فلما نسوا ما ذكروا به ) أي : أعرضوا عنه وتناسوه وجعلوه وراء ظهورهم ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) أي : فتحنا عليهم أبواب الرزق من كل ما يختارون ، وهذا استدراج منه تعالى وإملاء لهم ، عياذا بالله من مكره ; ولهذا قال : ( حتى إذا فرحوا بما أوتوا ) أي : من الأموال والأولاد والأرزاق ( أخذناهم بغتة ) أي : على غفلة ( فإذا هم مبلسون ) أي : آيسون من كل خير .

قال الوالبي ، عن ابن عباس : المبلس : الآيس .

وقال الحسن البصري : من وسع الله عليه فلم ير أنه يمكر به ، فلا رأي له . ومن قتر عليه فلم ير أنه ينظر له ، فلا رأي له ، ثم قرأ : ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) قال الحسن : مكر بالقوم ورب الكعبة ; أعطوا حاجتهم ثم أخذوا . رواه ابن أبي حاتم .

وقال قتادة : بغت القوم أمر الله ، وما أخذ الله قوما قط إلا عند سكرتهم وغرتهم ونعيمهم فلا تغتروا بالله ، إنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون . رواه ابن أبي حاتم أيضا .

وقال مالك ، عن الزهري : ( فتحنا عليهم أبواب كل شيء ) قال : إرخاء الدنيا وسترها .

وقد قال الإمام أحمد : حدثنا يحيى بن غيلان ، حدثنا رشدين - يعني ابن سعد أبا الحجاج المهري - عن حرملة بن عمران التجيبي ، عن عقبة بن مسلم ، عن عقبة بن عامر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب ، فإنما هو استدراج " . ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون )

ورواه ابن جرير وابن أبي حاتم ، من حديث حرملة وابن لهيعة ، عن عقبة بن مسلم ، عن عقبة بن عامر ، به

وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا هشام بن عمار ، حدثنا عراك بن خالد بن يزيد ، حدثني أبي ، عن إبراهيم بن أبي عبلة ، عن عبادة بن الصامت [ رضي الله عنه ] أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول : " إن الله [ تبارك وتعالى ] إذا أراد بقوم بقاء - أو : نماء - رزقهم القصد والعفاف ، وإذا أراد الله بقوم اقتطاعا فتح لهم - أو فتح عليهم - باب خيانة "

( حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون ) كما قال : ( فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين )

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022