تفسير ابن كثير - Ibn-Katheer   سورة  الأعراف الأية 205


سورة Sura   الأعراف   Al-A'raaf
إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ ۖ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196) وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنفُسَهُمْ يَنصُرُونَ (197) وَإِن تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَىٰ لَا يَسْمَعُوا ۖ وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (198) خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ (199) وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ ۚ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (200) إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ (201) وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ (202) وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِم بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا ۚ قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ مِن رَّبِّي ۚ هَٰذَا بَصَائِرُ مِن رَّبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203) وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (204) وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ (205) إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ۩ (206)
الصفحة Page 176
وَاذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ (205)

يأمر تعالى بذكره أول النهار وآخره ، كما أمر بعبادته في هذين الوقتين في قوله : ( وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب ) [ ق : 39 ] وقد كان هذا قبل أن تفرض الصلوات الخمس ليلة الإسراء ، وهذه الآية مكية .

وقال هاهنا بالغدو - وهو أوائل النهار : ( والآصال ) جمع أصيل ، كما أن الأيمان جمع يمين .

وأما قوله : ( تضرعا وخيفة ) أي : اذكر ربك في نفسك رهبة ورغبة ، وبالقول لا جهرا ; ولهذا قال : ( ودون الجهر من القول ) وهكذا يستحب أن يكون الذكر لا يكون نداء و [ لا ] جهرا بليغا ; ولهذا لما سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ فأنزل الله : ( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان ) [ البقرة : 186 ]

وفي الصحيحين عن أبي موسى الأشعري قال : رفع الناس أصواتهم بالدعاء في بعض الأسفار ، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : " أيها الناس ، أربعوا على أنفسكم ، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ; إن الذي تدعونه سميع قريب "

وقد يكون المراد من هذه الآية كما في قوله تعالى : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) [ الإسراء : 110 ] فإن المشركين كانوا إذا سمعوا القرآن سبوه ، وسبوا من أنزله ، و [ سبوا ] من جاء به ; فأمره الله تعالى ألا يجهر به ، لئلا ينال منه المشركون ، ولا يخافت به عن أصحابه فلا يسمعهم ، وليتخذ سبيلا بين الجهر والإسرار . وكذا قال في هذه الآية الكريمة : ( ودون الجهر من القول بالغدو والآصال ولا تكن من الغافلين )

وقد زعم ابن جرير وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم قبله : أن المراد بهذه الآية : أمر السامع للقرآن في حال استماعه بالذكر على هذه الصفة . وهذا بعيد مناف للإنصات المأمور به ، ثم المراد بذلك في الصلاة ، كما تقدم ، أو الصلاة والخطبة ، ومعلوم أن الإنصات إذ ذاك أفضل من الذكر باللسان ، سواء كان سرا أو جهرا ، فهذا الذي قالاه لم يتابعا عليه ، بل المراد الحض على كثرة الذكر من العباد بالغدو والآصال ، لئلا يكونوا من الغافلين ; ولهذا مدح الملائكة الذين يسبحون الليل والنهار لا يفترون

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022