ولهذا قال : ( يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال ) أي : حثهم وذمر عليه ؛ ولهذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحرض على القتال عند صفهم ومواجهة العدو ، كما قال لأصحابه يوم بدر ، حين أقبل المشركون في عددهم وعددهم : قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض . فقال عمير بن الحمام : عرضها السماوات والأرض ! فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نعم فقال : بخ بخ ، فقال : ما يحملك على قولك بخ بخ ؟ قال : رجاء أن أكون من أهلها ! قال : فإنك من أهلها ، فتقدم الرجل فكسر جفن سيفه ، وأخرج تمرات فجعل يأكل منهن ، ثم ألقى بقيتهن من يده ، وقال : لئن أنا حييت حتى آكلهن إنها لحياة طويلة ! ثم تقدم فقاتل حتى قتل ، رضي الله عنه .
وقد روي عن سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير : أن هذه الآية نزلت حين أسلم عمر بن الخطاب ، وكمل به الأربعون .
وفي هذا نظر ؛ لأن هذه الآية مدنية ، وإسلام عمر كان بمكة بعد الهجرة إلى أرض الحبشة وقبل الهجرة إلى المدينة ، والله أعلم .
ثم قال تعالى مبشرا للمؤمنين وآمرا : ( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وإن يكن منكم مائة يغلبوا ألفا من الذين كفروا ) كل واحد بعشرة ثم نسخ هذا الأمر وبقيت البشارة .
قال عبد الله بن المبارك : حدثنا جرير بن حازم ، حدثني الزبير بن الخريت عن عكرمة ، عن ابن عباس قال : لما نزلت : ( إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين ) شق ذلك على المسلمين حين فرض الله عليهم ألا يفر واحد من عشرة ، ثم جاء التخفيف ، فقال :