( وجاءوا على قميصه بدم كذب ) أي : مكذوب مفترى . وهذا من الأفعال التي يؤكدون بها ما تمالئوا عليه من المكيدة ، وهو أنهم عمدوا إلى سخلة - فيما ذكره مجاهد ، والسدي ، وغير واحد - فذبحوها ، ولطخوا ثوب يوسف بدمها ، موهمين أن هذا قميصه الذي أكله فيه الذئب ، وقد أصابه من دمه ، ولكنهم نسوا أن يخرقوه ، فلهذا لم يرج هذا الصنيع على نبي الله يعقوب ، بل قال لهم معرضا عن كلامهم إلى ما وقع في نفسه من تمالئهم عليه : ( بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل ) أي : فسأصبر صبرا جميلا على هذا الأمر الذي قد اتفقتم عليه ، حتى يفرجه الله بعونه ولطفه ، ( والله المستعان على ما تصفون ) أي : على ما تذكرون من الكذب والمحال .
وقال الثوري ، عن سماك ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : ( وجاءوا على قميصه بدم كذب ) قال : لو أكله السبع لخرق القميص . وكذا قال الشعبي ، والحسن ، وقتادة ، وغير واحد .
وقال مجاهد : الصبر الجميل : الذي لا جزع فيه .
وروى هشيم ، عن عبد الرحمن بن يحيى ، عن حبان بن أبي جبلة قال : سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله : ( فصبر جميل ) فقال : " صبر لا شكوى فيه " وهذا مرسل .
وقال عبد الرزاق : قال الثوري عن بعض أصحابه أنه قال : ثلاث من الصبر : ألا تحدث بوجعك ، ولا بمصيبتك ، ولا تزكي نفسك .
وذكر البخاري هاهنا حديث عائشة ، رضي الله عنها ، في الإفك حتى ذكر قولها : والله لا أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف ، ( فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون ) .