ولهذا قال تعالى رادا عليهم شبهتهم : ( وكم أهلكنا قبلهم من قرن ) أي : وكم من أمة وقرن من المكذبين قد أهلكناهم بكفرهم ، ( هم أحسن أثاثا ورئيا ) أي : كانوا أحسن من هؤلاء أموالا وأمتعة ومناظر وأشكالا .
وقال الأعمش ، عن أبي ظبيان ، عن ابن عباس : ( خير مقاما وأحسن نديا ) قال : المقام المنزل ، والندي المجلس ، والأثاث المتاع ، والرئي المنظر .
وقال العوفي ، عن ابن عباس : المقام المسكن ، والندي المجلس والنعمة والبهجة التي كانوا فيها ، وهو كما قال الله لقوم فرعون حين أهلكهم وقص شأنهم في القرآن : ( كم تركوا من جنات وعيون وزروع ومقام كريم ) [ الدخان : 25 ، 26 ] ، فالمقام المسكن والنعيم ، والندي المجلس والمجمع الذي كانوا يجتمعون فيه ، وقال الله فيما قص على رسوله من أمر قوم لوط : ( وتأتون في ناديكم المنكر ) [ العنكبوت : 29 ] ، والعرب تسمي المجلس : النادي .
وقال قتادة : لما رأوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في عيشهم خشونة ، وفيهم قشافة ، تعرض أهل الشرك بما تسمعون : ( أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا ) وكذا قال مجاهد ، والضحاك .
ومنهم من قال في الأثاث : هو المال . ومنهم من قال : المتاع . ومنهم من قال : الثياب ، والرئي : المنظر كما قال ابن عباس ، ومجاهد وغير واحد .
وقال الحسن البصري : يعني الصور ، وكذا قال مالك : ( أثاثا ورئيا ) : أكثر أموالا وأحسن صورا . والكل متقارب صحيح .