تفسير ابن كثير - Ibn-Katheer   سورة  البقرة الأية 224


سورة Sura   البقرة   Al-Baqara
فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ۗ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ ۖ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ۖ وَإِن تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (220) وَلَا تَنكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (221) وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ ۖ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ ۖ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ ۖ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (222) نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّىٰ شِئْتُمْ ۖ وَقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُمْ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُم مُّلَاقُوهُ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (223) وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)
الصفحة Page 35
وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِّأَيْمَانِكُمْ أَن تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (224)

يقول تعالى : لا تجعلوا أيمانكم بالله تعالى مانعة لكم من البر وصلة الرحم إذا حلفتم على تركها ، كقوله تعالى : ( ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم ) [ النور : 22 ] ، فالاستمرار على اليمين آثم لصاحبها من الخروج منها بالتكفير . كما قال البخاري :

حدثنا إسحاق بن إبراهيم ، أخبرنا عبد الرزاق ، أخبرنا معمر ، عن همام بن منبه ، قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " نحن الآخرون السابقون يوم القيامة " ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي افترض الله عليه " .

وهكذا رواه مسلم ، عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق ، به . ورواه أحمد ، عنه ، به .

ثم قال البخاري : حدثنا إسحاق بن منصور ، حدثنا يحيى بن صالح ، حدثنا معاوية ، هو ابن سلام ، عن يحيى ، وهو ابن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من استلج في أهله بيمين ، فهو أعظم إثما ، ليس تغني الكفارة " .

وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله تعالى : ( ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم قال : لا تجعلن عرضة ليمينك ألا تصنع الخير ، ولكن كفر عن يمينك واصنع الخير .

وهكذا قال مسروق ، والشعبي ، وإبراهيم النخعي ، ومجاهد ، وطاوس ، وسعيد بن جبير ، وعطاء ، وعكرمة ، ومكحول ، والزهري ، والحسن ، وقتادة ، ومقاتل بن حيان ، والربيع بن أنس ، والضحاك ، وعطاء الخراساني ، والسدي . ويؤيد ما قاله هؤلاء الجمهور ما ثبت في الصحيحين ، عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها " وثبت فيهما أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن بن سمرة : " يا عبد الرحمن بن سمرة ، لا تسأل الإمارة ، فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها ، وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها ، وإذا حلفت على يمين فرأيت خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك " .

وروى مسلم ، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ، فليكفر عن يمينه ، وليفعل الذي هو خير " .

وقال الإمام أحمد : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ، حدثنا خليفة بن خياط ، حدثني عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فتركها كفارتها " .

ورواه أبو داود من طريق عبيد الله بن الأخنس ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم ، ولا في معصية الله ، ولا في قطيعة رحم ، ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليدعها ، وليأت الذي هو خير ، فإن تركها كفارتها " .

ثم قال أبو داود : والأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم كلها : " فليكفر عن يمينه " وهي الصحاح .

وقال ابن جرير : حدثنا علي بن سعيد الكندي ، حدثنا علي بن مسهر ، عن حارثة بن محمد ، عن عمرة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من حلف على قطيعة رحم أو معصية ، فبره أن يحنث فيها ويرجع عن يمينه " .

وهذا حديث ضعيف ; لأن حارثة [ هذا ] هو ابن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن ، متروك الحديث ، ضعيف عند الجميع .

ثم روى ابن جرير عن ابن جبير وسعيد بن المسيب ، ومسروق ، والشعبي : أنهم قالوا : لا يمين في معصية ، ولا كفارة عليها .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022