القول في تأويل قوله : وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا (115)
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " ومن يشاقق الرسول "، ومن يباين الرسولَ محمدًا صلى الله عليه وسلم، معاديًا له، فيفارقه على العداوة له (12) =" من بعد ما تبين له الهدى "، يعني: من بعد ما تبين له أنه رسول الله، وأن ما جاء به من عند الله يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم=" ويتبع غير سبيل المؤمنين "، يقول: ويتبع طريقًا غير طريق أهل التصديق، ويسلك منهاجًا غير &; 9-205 &; منهاجهم، وذلك هو الكفر بالله، لأن الكفر بالله ورسوله غير سبيل المؤمنين وغير منهاجهم=" نولّه ما تولّى "، يقول: نجعل ناصره ما استنصره واستعان به من الأوثان والأصنام، (13) وهي لا تغنيه ولا تدفع عنه من عذاب الله شيئًا، ولا تنفعه، كما:-
10427- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله: " نوله ما تولى "، قال: من آلهة الباطل.
10428- حدثني ابن المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.
* * *
=" ونصله جهنم "، يقول: ونجعله صِلاءَ نار جهنم، (14) يعني: نحرقه بها.
* * *
وقد بينا معنى " الصلى " فيما مضى قبل، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (15)
* * *
=" وساءت مصيرًا "، يقول وساءت جهنم (16) =" مصيرًا "، موضعًا يصير إليه من صار إليه. (17)
* * *
ونـزلت هذه الآية في الخائنين الذين ذكرهم الله في قوله: وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا ، لما أبى التوبة من أبى منهم، وهو طعمة بن الأبيرق، ولحق بالمشركين من عبدة الأوثان بمكة مرتدًّا، مفارقًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه.
-----------------
الهوامش :
(12) انظر تفسير"الشقاق" فيما سلف 3 : 115 ، 116 ، 336 / 8 : 319.
(13) انظر تفسير"ولي" فيما سلف ص: 17 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.
(14) في المطبوعة: "صلى" بتشديد الياء ، والصواب من المخطوطة. و"الصلاء" (بكسر الصاد): الشواء ، لأنه يصلى بالنار.
(15) انظر ما سلف في تفسير"الإصلاء" 8 : 27-29 ، 231 ، 484.
(16) انظر تفسير"ساء" فيما سلف ص 101 ، تعليق: 2 ، والمراجع هناك.
(17) انظر تفسير"مصير" فيما سلف ص: 101 ، تعليق: 3 ، والمراجع هناك.