ثم قال تعالى مخبرا عن تحريض موسى عليه السلام لبني إسرائيل على الجهاد والدخول إلى بيت المقدس الذي كان بأيديهم في زمان أبيهم يعقوب لما ارتحل هو وبنوه وأهله إلى بلاد مصر أيام يوسف عليه السلام ، ثم لم يزالوا بها حتى خرجوا مع موسى [ عليه السلام ] فوجدوا فيها قوما من العمالقة الجبارين قد استحوذوا عليها وتملكوها ، فأمرهم رسول الله موسى عليه السلام ، بالدخول إليها ، وبقتال أعدائهم ، وبشرهم بالنصرة والظفر عليهم ، فنكلوا وعصوا وخالفوا أمره ، فعوقبوا بالذهاب في التيه والتمادي في سيرهم حائرين ، لا يدرون كيف يتوجهون فيه إلى مقصد ، مدة أربعين سنة ، عقوبة لهم على تفريطهم في أمر الله [ تعالى ] فقال تعالى مخبرا عن موسى أنه قال : ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة ) أي : المطهرة .
قال سفيان الثوري عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس في قوله : ( ادخلوا الأرض المقدسة ) قال : هي الطور وما حوله . وكذا قال مجاهد وغير واحد .
وقال سفيان الثوري عن أبي سعيد البقال عن عكرمة عن ابن عباس قال : هي أريحا . وكذا ذكر غير واحد من المفسرين .
وفي هذا نظر ; لأن أريحا ليست هي المقصود بالفتح ، ولا كانت في طريقهم إلى بيت المقدس وقد قدموا من بلاد مصر حين أهلك الله عدوهم فرعون [ اللهم ] إلا أن يكون المراد بأريحا أرض بيت المقدس كما قاله - السدي فيما رواه ابن جرير عنه - لا أن المراد بها هذه البلدة المعروفة في طرف الغور شرقي بيت المقدس .
وقوله تعالى : ( التي كتب الله لكم ) أي : التي وعدكموها الله على لسان أبيكم إسرائيل : أنه وراثة من آمن منكم . ( ولا ترتدوا على أدباركم ) أي : ولا تنكلوا عن الجهاد ( فتنقلبوا خاسرين)