تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  الكهف الأية 5


سورة Sura   الكهف   Al-Kahf
مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5) فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَٰذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6) إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَّهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا (7) وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا (8) أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا (9) إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا (10) فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا (11) ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَىٰ لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا (12) نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13) وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَن نَّدْعُوَ مِن دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَّقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا (14) هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَّوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِم بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (15)
الصفحة Page 294
مَّا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلَا لِآبَائِهِمْ ۚ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ۚ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا (5)

القول في تأويل قوله تعالى : مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَلا لآبَائِهِمْ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا (5)

وقوله : ( مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ) يقول: ما لقائلي هذا القول، يعني قولهم (اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا)(بِهِ ) : يعني بالله من علم، والهاء في قوله (بِهِ) من ذكر الله, وإنما معنى الكلام: ما لهؤلاء القائلين هذا القول بالله إنه لا يجوز أن يكون له ولد من علم، فلجهلهم بالله وعظمته قالوا ذلك.

وقوله (ولا لآبائِهمْ) يقول: ولا لأسلافهم الذين مضوا قبلهم على مثل الذي هم عليه اليوم، كان لهم بالله وبعظمته علم، وقوله: ( كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ) اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قراء المدنيين والكوفيين والبصريين: (كَبُرَتْ كَلِمَةً) بنصب كلمةً بمعنى: كبُرت كلمتهم التي قالوها كلمةً على التفسير، كما يقال: نعم رجلا عمرو، ونعم الرجل رجلا قام، ونعم رجلا قام، وكان بعض نحوييّ أهل البصرة يقول: نُصبت كلمة لأنها في معنى: أكْبِر بها كلمة ، كما قال جل ثناؤه وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا وقال: هي في النصب مثل قول الشاعر:

ولقـدْ عَلِمْـتُ إذَا اللِّقاحُ تَرَوَّحتْ هَدَجَ

الرّئــــالِ تكُـــبُّهُنَّ شَـــمالا (1)

أي تكبهنّ الرياح شمالا فكأنه قال: كبرت تلك الكلمة، وذُكِر عن بعض المكيين أنه كان يقرأ ذلك: ( كَبُرَتْ كَلِمَةٌ ) رفعا ، كما يقال: عَظُمَ قَولك وكَبُر شأنُك. وإذا قرئ ذلك كذلك لم يكن في قوله (كَبُرَتْ كَلِمةٌ) مُضمر، وكان صفة للكلمة.

والصواب من القراءة في ذلك عندي، قراءة من قرأ: (كَبُرَتْ كَلِمةً) نصبا لإجماع الحجة من القراء عليها، فتأويل الكلام: عَظُمت الكلمة كلمة تخرج من أفواه هؤلاء القوم الذين قالوا: اتخذ الله ولدا، والملائكة بنات الله.

كما حدثنا ابن حميد، قال: ثنا سلمة، عن ابن إسحاق (كَبُرَتْ كَلِمةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ) قولهم: إن الملائكة بنات الله، وقوله: ( إِنْ يَقُولُونَ إِلا كَذِبًا ) يقول عز ذكره:

ما يقول هؤلاء القائلون اتخذ الله ولدا بقيلهم ذلك إلا كذبا وفرية افتروها على الله.

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022