القول في تأويل قوله تعالى : الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه "، أحبارَ اليهود وعلماء النصارى: يقول: يعرف هؤلاء الأحبارُ من اليهود، والعلماءُ من النصارى: أن البيتَ الحرام قبلتُهم وقبلة إبراهيم وقبلةُ الأنبياء قبلك, كما يعرفون أبناءَهم، كما:-
2259- حدثنا بشر بن معاذ: قال، حدثنا يزيد بن زريع, عن سعيد, عن قتادة قوله: " الذين آتيناهم الكتاب يَعرفونه كما يَعرفون أبناءهم "، يقول: يعرفون أن البيت الحرام هو القبلةُ.
2260- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع في قول الله عز وجل: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونهُ كما يعرفونَ أبناءهم "، يعني: القبلةَ.
2261- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع قوله: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم "، عرفوا أن قِبلة البيت الحرام هي قبلتُهم التي أمِروا بها, كما عرفوا أبناءهم.
2262- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفونَ أبناءهم "، يعني بذلك: الكعبةَ البيتَ الحرام.
2263- حدثني موسى بن هارون قال، حدثنا عمرو بن حماد قال، حدثنا أسباط, عن السدي: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم "، يعرفون الكعبة من قبلة الأنبياء, كما يعرفون أبناءهم. (1)
2264- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " قال، اليهود يعرفون أنها هي القبلة، مكة.
2265- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج في قوله: " الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم " قال، القبلةُ والبيتُ.
* * *
القول في تأويل قوله تعالى : وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146)
قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: وإنّ طائفةً من الذين أوتوا الكتاب -وهُمُ اليهود والنصارى. وكان مجاهد يقول: هم أهل الكتاب.
2266- حدثني محمد بن عمرو -يعني الباهلي- قال، حدثنا أبو عاصم, عن عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد بذلك.
2267- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, عن ابن جريج مثله.
2268- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح مثله.
* * *
قال أبو جعفر: وقوله: " ليكتمون الحق "، - وذلك الحق هو القبلة =التي وجَّه الله عز وجل إليها نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم. يقول: فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ = التي كانت الأنبياء من قبل محمدٍ صلى الله عليه وسلم يتوجَّهون إليها. فكتمتها اليهودُ والنصارى, فتوجَّه بعضُهم شرقًا، وبعضُهم نحو بيتَ المقدس, ورفضُوا ما أمرهم الله به, وكتموا مَعَ ذلك أمرَ محمد صلى الله عليه وسلم وهم يجدونَه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل. فأطلع الله عز وجل محمدًا صلى الله عليه وسلم وأمَّتَه على خيانتهم اللهَ تبارك وتعالى, وخيانتهم عبادَه, وكتمانِهم ذلك, وأخبر أنهم يفعلون ما يَفعلون من ذلك على علم منهم بأن الحق غيرُه, وأن الواجب عليهم من الله جل ثناؤه خلافُه، فقال: " ليكتمونَ الحق وهم يعلمون "، أنْ لَيس لَهم كتمانه, فيتعمَّدون معصية الله تبارك وتعالى، كما:- (2)
2269- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد عن قتادة قوله: " وإنّ فريقًا منهم ليكتمون الحق وهُمْ يعلمون "، فكتموا محمدًا صلى الله عليه وسلم.
2270- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد: " ليكتمون الحق وَهمْ يعلمون " قال، يكتمون محمدًا صلى الله عليه وسلم وهم يجدونه مكتوبًا عندهم في التوراة والإنجيل.
2271- حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق بن الحجاج قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع: " وإنّ فريقًا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون "، يعني القبلةَ.
---------------------
الهوامش :
(1) في المطبوعة : "يعرفون الكعبة من قبلة الأنبياء" .
(2) من أول قوله : "كما حدثنا بشر بن معاذ" ، إلى حيث نذكر في ص 207 تعليق : 2 موجود في ست عشرة صفحة بقيت من القسم المفقود من النسخة العتيقة .