تفسير الطبري - Al-Tabari   سورة  الأنفال الأية 34


سورة Sura   الأنفال   Al-Anfaal
وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34) وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِندَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً ۚ فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (35) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ۗ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلَىٰ بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعًا فَيَجْعَلَهُ فِي جَهَنَّمَ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (37) قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِن يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ (38) وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ۚ فَإِنِ انتَهَوْا فَإِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (39) وَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَوْلَاكُمْ ۚ نِعْمَ الْمَوْلَىٰ وَنِعْمَ النَّصِيرُ (40)
الصفحة Page 181
وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ ۚ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (34)

القول في تأويل قوله : وَمَا لَهُمْ أَلا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ

واختلف أهل العربية في وجه دخول " أن " في قوله: " وما لهم ألا يعذبهم الله ".

فقال بعض نحويي البصرة: هي زائدة ههنا, وقد عملت كما عملت " لا " وهي زائدة, وجاء في الشعر: (1)

لَـوْ لَـمْ تَكـنْ غَطَفَـانُ لا ذُنُوبَ لَهَا

إلَــيَّ, لامَ ذَوُو أحْسَــابِهَا عُمَــرَا (2)

وقد أنكر ذلك من قوله بعض أهل العربية وقال: لم تدخل " أن " إلا لمعنى صحيح, لأن معنى: " وما لهم "، ما يمنعهم من أن يعذبوا. قال: فدخلت " أن " لهذا المعنى, وأخرج ب " لا ", ليعلم أنه بمعنى الجحد, لأن المنع جحد. قال: و " لا " في البيت صحيح معناها, لأن الجحد إذا وقع عليه جحد صار خبرًا. (3)

وقال: ألا ترى إلى قولك: " ما زيد ليس قائما ", فقد أوجبت القيام؟ قال: وكذلك " لا " في هذا البيت. (4)

* * *

القول في تأويل قوله : وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (34)

قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وما لهؤلاء المشركين ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام, ولم يكونوا أولياء الله= " إن أولياؤه "، (5) يقول: ما أولياء الله= " إلا المتقون ", يعني: الذين يتقون الله بأداء فرائضه, واجتناب معاصيه. (6)

= " ولكن أكثرهم لا يعلمون " يقول: ولكن أكثر المشركين لا يعلمون أن أولياء الله المتقون، بل يحسبون أنهم أولياء الله .

* * *

وبنحو ما قلنا قال أهل التأويل.

* ذكر من قال ذلك:

16018 - حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن المفضل قال: حدثنا أسباط, عن السدي: " وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون "، هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم .

16019 - حدثني محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا عيسى, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, في قول الله: " إن أولياؤه إلا المتقون "، مَن كانوا، وحيث كانوا.

16020- حدثني المثنى قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا شبل, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد, مثله.

16021 - حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة, عن ابن إسحاق: " وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون "، الذين يحرمون حرمته, (7) ويقيمون الصلاة عنده, أي: أنت= يعني النبي صلى الله عليه وسلم= ومن آمن بك= يقول: " ولكن أكثرهم لا يعلمون ". (8)

---------------------

الهوامش :

(1) هو الفرزدق .

(2) سلف البيت وتخريجه 5 : 302 ، 303 ، وروايته هناك: " إذن للام ذود أحسابها " ، وقد فسرته هناك ، وزعمت أن " الذنوب " بفتح الذال بمعنى : الحظ والنصيب عن الشرف والحسب والمروءة .

أمَّا رواية البيت كما جاءت هنا ، وفي الديوان ، توجب أن تكون " الذنوب " جمع " ذنب " .فهذا فرق ما بين الروايتين والمعنيين .

(3) يعني بقوله : " خبرًا " ، أي : إثباتًا .

(4) انظر معاني القرآن للفراء 1 : 163 - 166 ، وما سلف من التفسير 5 : 300 - 305 .

(5) انظر تفسير " ولي " فيما سلف من فهارس اللغة ( ولي ) .

(6) وتفسير " التقوى " فيما سلف من فهارس اللغة ( وقى ) .

(7) في المطبوعة والمخطوطة مكان : " يحرمون حرمنه " ، " يخرجون منه " ، وهذا من عجائب التحريف من طريق الاختصار !! ، والصواب من سيرة ابن هشام .

(8) الأثر : 16021 - سيرة ابن هشام 2 : 325 ، 326 ، وهو تابع الأثر السالف رقم : 16003 .

 


اتصل بنا | الملكية الفكرية DCMA | سياسة الخصوصية | Privacy Policy | قيوم المستخدم

آيــــات - القرآن الكريم


© 2022