القول في تأويل قوله : قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23)
قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ من الله جل ثناؤه عن آدم وحواء فيما أجاباه به, واعترافِهما على أنفسهما بالذنب, ومسألتهما إياه المغفرة منه والرحمة, خلاف جواب اللعين إبليس إياه.
ومعنى قوله: (قالا ربنا ظلمنا أنفسنا)، قال: آدم وحواء لربهما: يا ربنا، فعلنا بأنفسنا من الإساءة إليها بمعصيتك وخلاف أمرك، (1) وبطاعتنا عدوَّنا وعدوَّك, فيما لم يكن لنا أن نطيعه فيه، من أكل الشجرة التي نهيتنا عن أكلها =(وإن لم تغفر لنا)، يقول: وإن أنت لم تستر علينا ذنبنا فتغطيه علينا، وتترك فضيحتنا به بعقوبتك إيانا عليه (2) =" وترحمنا "، بتعطفك علينا, وتركك أخذنا به (3) =(لنكونن من الخاسرين)، يعني: لنكونن من الهالكين.
* * *
وقد بيَّنا معنى " الخاسر " فيما مضى بشواهده، والرواية فيه، بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. (4)
* * *
14411- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر, عن قتادة قال: قال آدم عليه السلام: يا رب, أرأيتَ إن تبتُ واستغفرتك؟ قال: إذًا أدخلك الجنة . وأما إبليس فلم يسأله التوبة, وسأل النَّظِرة, فأعطى كلَّ واحد منهما ما سأل.
14412- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، أخبرنا هشيم, عن جويبر, عن الضحاك في قوله: (ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا)، الآية, قال: هي الكلمات التي تلقَّاها آدم من ربه.
-------------------
(1) هكذا في المخطوطة والمطبوعة ، ولعل الصواب : (( فعلنا الظلم بأنفسنا )) . وانظر تفسير (( الظلم )) فيما سلف من فهارس اللغة ( ظلم ) .
(2) انظر تفسير (( المغفرة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( غفر ) .
(3) انظر تفسير (( الرحمة )) فيما سلف من فهارس اللغة ( رحم ) .
(4) انظر تفسير (( الخسارة )) فيما سلف ص : 315 ، تعليق : 1 ، والمراجع هناك .