القول في تأويل قوله تعالى : وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (54)
قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ولو أن لكل نفس كفرت بالله ، و " ظلمها " ، في هذا الموضع، عبادتُها غيرَ من يستحق عبادته، (1) وتركها طاعة من يجب عليها طاعته ، (ما في الأرض) ، من قليل أو كثير ، (لافتدت به) ، يقول: لافتدت بذلك كلِّه من عذاب الله إذا عاينته (2) ، وقوله: (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) ، يقول: وأخفتْ رؤساء هؤلاء المشركين من وضعائهم وسفلتهم الندامةَ حين أبصرُوا عذاب الله قد أحاط بهم، وأيقنوا أنه واقع بهم ، ( وقضي بينهم بالقسط)، يقول: وقضى الله يومئذ بين الأتباع والرؤساء منهم بالعدل (3) ، (وهم لا يظلمون)، وذلك أنه لا يعاقب أحدًا منهم إلا بجريرته ، ولا يأخذه بذنب أحدٍ، ولا يعذِّب إلا من قد أعذر إليه في الدنيا وأنذر وتابع عليه الحجج.
------------------------
الهوامش :
(1) في المطبوعة : " من يستحق عبادة " ، غير ما في المخطوطة .
(2) انظر تفسير " الافتداء " فيما سلف من فهارس اللغة ( فدى ) .
(3) انظر تفسير " القسط " فيما سلف ص : 99 ، تعليق : 1، والمراجع هناك .